أكد المهندس مؤمن أشرف، الخبير الدولي في أمن وتكنولوجيا المعلومات، أن الذكاء الاصطناعي خرج من نطاق المختبرات والمجالات المدنية، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الحروب والصراعات الجيوسياسية الكبرى، محذرًا من أن التقنيات الحديثة تُستخدم حاليًا لتوجيه ضربات دقيقة وتحقيق أهداف استراتيجية دون الحاجة إلى إطلاق جيوش على الأرض.
وأوضح المهندس مؤمن أشرف أن دولًا كبرى باتت تعتمد على الذكاء الاصطناعي في قيادة طائرات مسيرة دون طيار (درونز)، وتحليل بيانات الاتصالات لرصد تحركات الأفراد والجيوش، وتوجيه أسلحة ذكية قادرة على إصابة أهدافها بدقة عالية دون تدخل بشري، مؤكدًا أن الحرب أصبحت اليوم تُدار ببيانات وخوارزميات، لا فقط بدبابات وصواريخ.
وأضاف المهندس مؤمن اشرف أن من أخطر مظاهر استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، هو شن الهجمات السيبرانية المعقدة، والتي تستهدف شبكات الكهرباء، والاتصالات، والمنشآت الحيوية للدول، مشيرًا إلى أن هذه الهجمات تُنفذ عبر برمجيات تعتمد على تقنيات التعلم الآلي، ما يجعلها أكثر قدرة على التكيف والتخفي، وأقل عرضة للكشف من الأنظمة الأمنية التقليدية.

وتابع أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم أيضًا في صناعة وترويج الأكاذيب والتضليل الإعلامي، حيث يتم إنتاج فيديوهات مزيفة (ديب فيك) وصور ومحتويات تُنشر على نطاق واسع لخلق حالة من البلبلة داخل المجتمعات، وتوجيه الرأي العام نحو أهداف مدروسة مسبقًا، وهو ما يُشكل خطرًا كبيرًا على الوعي الجمعي والأمن القومي للدول.
وأشار المهندس مؤمن أشرف إلى أن هذه التحولات الخطيرة تُنذر بظهور شكل جديد من الحروب يُعرف بالحرب الهجينة، وهي مزيج من الهجمات العسكرية والمعلوماتية والنفسية، مؤكدًا أن الشعوب أصبحت مستهدفة بشكل مباشر، ليس فقط بالقنابل بل أيضًا بالمعلومات الزائفة والهلع الرقمي.
كما شدد على ضرورة أن تتحرك الحكومات بشكل عاجل لتطوير منظوماتها الدفاعية الرقمية، وإنشاء غرف عمليات متخصصة في مواجهة الحروب السيبرانية، مع سن قوانين تُلزم شركات التكنولوجيا العالمية بالحد من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية أو التحريضية.

واختتم المهندس مؤمن أشرف تصريحه قائلا: العالم لم يعد أمامه ترف الانتظار، فنحن نعيش الآن في زمن الحروب الذكية، حيث قد يتم احتلال دولة كاملة دون أن يتحرك جندي واحد.. بل عبر شاشة، وخط كود، وخوارزمية واحدة دقيقة.