الوثيقة
حزب الإتحاد ينظم مؤتمراً حاشد لدعم مرشحه بانتخابات الشيوخ بمحافظة الغربيةأمين إعلام ”مستقبل وطن” بجرجا سوهاج: المشاركة الحاشدة تؤكد وعي المواطنين ودعمهم لمسار الدولة الوطنيةجمال دياب يكتب: الصين بعيون العالممظهر أبوعايد يكتب: سيناريو دولي”مرتقب” لإنهاء الحرب بقيادة أمريكا ومباركة البراجماتية العربية الجديدةعصام الرتمي: حل مشكلات الري بالفيوم على رأس أولوياتيمدحت الكمار: دعوات التحريض ضد السفارات المصرية محاولة يائسة لضرب استقرار الدولة وتشويه جهودهامستقبل وطن بالعلمين يحشد الشارع لدعم مرشحي الشيوخ بقيادة الشيخ عطية فضل: دعم مطلق للدولة والقائمة الوطنيةأحمد محسن يدين دعوات التجمهر أمام السفارات.. ويؤكد: مصر تقود تحركات حقيقية لنصرة فلسطينالنائبة نيفين الكاتب: مصر تدعم فلسطين بالمواقف والمساعدات.. ونرفض استغلال الجماعة الإرهابية للقضية لتشويه الدولةسامي نصر الله: الدولة المصرية تواصل دعمها لغزة رغم محاولات التشويهرئيس حزب الاتحاد: نرفض دعوات المزايدة بالتجمهر أمام سفاراتنا في الخارجالمركز الفرنسي للدراسات: الاعتراف الفرنسي بفلسطين سيُشعل موجة اعترافات أوروبية ويعمق عزلة إسرائيل
الرأي الحر

مظهر أبوعايد يكتب: سيناريو دولي”مرتقب” لإنهاء الحرب بقيادة أمريكا ومباركة البراجماتية العربية الجديدة

الكاتب الصحفي مظهر أبوعايد
الكاتب الصحفي مظهر أبوعايد


عقب الهجوم المباغت الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر 2023 على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، دخلت المنطقة طورًا جديدًا من التصعيد العسكري والسياسي والأمني، تجاوز كل ما شهدته النزاعات السابقة. تحوّلت الحرب إلى صراع إقليمي مستتر، متعدد الأبعاد، تتداخل فيه الحسابات الدولية والاستراتيجيات الكبرى. ورغم تباين المواقف بشأن إمكانية التوصل إلى تسوية عادلة عن طريق التفاوض، فإن مسار الأحداث على الأرض يرسُم ملامح سيناريو حتمي لا تحكمه الإرادات السياسية أو القرارات الدولية، بل تفرضه القوة والعنف والتدخلات والمصالح الخارجية والإقليمية .
في مواجهة آلة عسكرية إسرائيلية مسعورة مدعومة سياسيًا وعسكريًا من الولايات المتحدة، لم يكن أمام سكان قطاع غزة سوى صمود العاجز منعدم الحيلة تحت قصف جوي وبري وبحري مكثف، طال البشر والحجر، ودمّر البنية التحتية بشكل شبه كلي. ووفقًا للبيانات الرسمية حتى 23 يوليو 2025، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين 59,219 شهيدًا، بينهم 17,921 طفلًا، و9,497 امرأة، و4,307 مسنًا، إلى جانب 498 من الطواقم الطبية، و192 من عناصر الدفاع المدني، و147 صحفيًا وإعلاميًا، و241 من العاملين في المؤسسات الإنسانية. كما أُصيب 143,045 شخصًا بجروح متفاوتة، بينهم آلاف الحالات التي تعرّضت لبتر أو حروق أو إصابات دائمة. وقتل 1,060 شخصًا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات الإنسانية، فيما أُصيب 7,207 آخرون في ظروف مشابهة.
القطاع تعرّض لتدمير ممنهج طال ما بين 70 إلى 92% من منشآته السكنية والخدمية. وأسفر القصف عن نزوح داخلي لما يزيد على 90% من السكان، إلى جانب انهيار شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وتدمير المدارس والمستشفيات ومراكز الإغاثة، مما أدّى إلى شلل شبه تام في المنظومة الحياتية والإنسانية. إضافة إلي سياسة التجويع لسكان غزة والغير مسبوقة في التاريخ الإنساني .
ومع تيقن النازية والوحشية الإسرائيلية لدي الرأي العام العالمي فإن ما يُقيّد يد إسرائيل عن تنفيذ سيناريو "السحق الكامل" لغزة أو تصفية حماس عسكريًا دون قيد، هو وجود عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023. هؤلاء يُمثلون الورقة الأثمن والأكثر حساسية في حسابات القرار السياسي والعسكري داخل تل أبيب، حيث إن أي اجتياح شامل أو قصف غير محسوب قد يؤدي إلى مقتلهم، ما قد يُفجّر غضبًا شعبيًا واسعًا داخل إسرائيل ضد حكومتها، ويترك تداعيات أمنية وسياسية بعيدة المدى. إلى جانب ذلك، يتعرض الاحتلال لضغوط متصاعدة عربيًا ودوليًا، حيث أدّت صور المجازر اليومية بحق المدنيين، وتوثيق استهداف الأطفال والنساء والمؤسسات الإنسانية، إلى موجات غضب واسعة النطاق في معظم دول العالم. وقد انعكس ذلك في تراجع الدعم العلني لإسرائيل في عدد من العواصم الغربية، وارتفاع أصوات داخل الكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي تطالب بمراجعة الدعم للحرب، ما يجعل استمرار العدوان دون ضوابط مخاطرة سياسية ودبلوماسية قد تُفضي إلى عزلة دولية وفقدان إسرائيل لشرعية ما تدّعيه من "حق الدفاع عن النفس".
دوليًا، أدانت عشرات الدول - من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا وألمانيا - استمرار العدوان على المدنيين في غزة، مطالِبة بوقف فوري لإطلاق النار واستئناف المفاوضات. غير أن الولايات المتحدة الأمريكية واصلت دعمها المطلق لإسرائيل، من خلال صفقات تسليح ضخمة، وتوفير غطاء دبلوماسي حال دون صدور قرارات حاسمة من مجلس الأمن. وقد صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بأن إسرائيل "ستنهي المهمة عسكريًا إذا استدعى الأمر"، متهمًا حماس برفض التفاوض، ما يعكس توجّهًا أمريكيًا نحو فرض تسوية بالقوة لا تقوم على أسس عادلة.
على الجبهة المقابلة، فقدت إسرائيل نحو 1,200 شخص في اليوم الأول من عملية "طوفان الأقصى"، تلاها مقتل أكثر من 700 جندي خلال العمليات البرية التي امتدت في شمال ووسط وجنوب القطاع. ومع مرور أكثر من عشرة أشهر، لم تنجح تل أبيب في استعادة السيطرة الكاملة على غزة أو إنهاء القدرات القتالية لحركة حماس، كما فشلت في تحرير الرهائن المحتجزين لدى المقاومة. وقد أدّى هذا الفشل إلى انقسامات حادة داخل المؤسستين السياسية والعسكرية الإسرائيلية، واندلاع احتجاجات شعبية واسعة، خاصة من عائلات الرهائن وجنود الاحتياط.
تداعيات الحرب لم تقتصر على فلسطين وحدها، بل شملت الإقليم برمته، حيث تصاعد التوتر على الحدود مع لبنان وسوريا والعراق واليمن، وبرزت جبهات اشتباك بحرية في البحر الأحمر وباب المندب. هذا التمدد أضر بحركة الملاحة العالمية، ودفع شركات الشحن والتأمين إلى رفع التكاليف بشكل غير مسبوق، كما أثّر على الاستثمارات الكبرى في مشاريع استراتيجية خليجية ومصرية، نتيجة تزايد المخاطر الأمنية.
إنزلاق القضية من التحرر الوطني إلى الأزمة الإنسانية والوصاية الدولية.
في ظل هذا المشهد، يُعاد تشكيل مستقبل القضية الفلسطينية بعيدًا عن مسارات التفاوض المتكافئة، بل عبر فرض أمر واقع جديد، تُختزل فيه غزة من قضية وطنية إلى مجرد ملف إنساني، يُدار دوليًا وإقليميًا تحت مظلة إعادة إعمار مشروطة ورقابة أمنية صارمة. ومع تراجع فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة، وتهميش دور السلطة الفلسطينية، ودفع الفصائل نحو التحول إلى أذرع أمنية أو تنظيمات محلية معزولة، يصبح السيناريو الحتمي هو ما تُثبته القوة، لا ما يُفترض أن تضمنه المبادئ والحقوق.
تطرف حماس ونازية اليمين الإسرائيلي.. صراع الأيديولوجيات الذي أطاح بالحلول السياسية وزجّ بالقضية في نفق الدم والتدويل
رغم مرور ما يقارب 21 شهرًا على اندلاع الحرب، لا تزال حركة حماس تراهن على ما يُعرف إعلاميًا بـ"المقاومة الأسطورية" عبر قناة الجزيرة التي تُسوَّقها بوصفها صمودًا أسطوريًا، إلا أنها لم تحقق أي تحوّل استراتيجي فعلي على الأرض. هذا النوع من الخطاب التخديري الخادع ، لا سيما كما يُروَّج له في قنوات مثل الجزيرة، يرفع المعنويات، لكنه يفتقر إلى أي شواهد عسكرية حية أو نتائج ميدانية ملموسة يبنى عليها .
في أسوأ تجليّاتها، تبدو المقاومة في مأزق حاد، بعد أن فقدت معظم مواقعها القيادية وتفككت بناها الحركية جزئيًا أو كليًا بفعل ضربات عسكرية ذات تأثير تكتيكي مباشر. وبينما تُستنزف غزة يوميًا، يُقتل آلاف المدنيين، دون أن ينجح أحد في تثبيت وجود عسكري فعّال في مواجهة القصف المستمر. فلا عمليات نوعية تُغير معادلات الميدان، ولا قدرة على منع توغل الطائرات والدبابات في جباليا وخان يونس ووسط القطاع. باختصار، تشير موازين القوى على الأرض إلى أن كثيرًا من الشعارات مثل "الانتصار" أو "الصمود الأسطوري" لم تعد سوى وهم، وخطاب إعلامي يُنتج صورة غير واقعية تُخفي حقيقة أن حماس تقترب من الانكفاء العسكري والسياسي، بينما يدفع المدنيون وحدهم الثمن الفادح، دون مقابل يُذكر.
بين الولاء العقائدي والانتحار السياسي.. كيف ورّطت حماس فلسطين والعرب في سياسات إيرانية مغرضة وأعادت إنتاج الفوضى باسم المقاومة
إن النهاية الحتمية لهذه الحرب لا تقتصر على وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى أو بدء إعمار ما دُمّر. إنها تُكرّس مشهدًا جديدًا يُعيد تعريف القضية الفلسطينية من كونها قضية تحرر وطني إلى أزمة إنسانية خاضعة للتدويل والرقابة الخارجية. هذا السيناريو لا يُرسم في أروقة السياسة، بل يُكتب بدماء الأطفال والنساء والصحفيين والأطباء وعمال الإغاثة، والمدنيين العزل، الذين لا يُسمع صوتهم إلا من تحت الركام، أو عبر تقارير منظمات دولية عاجزة عن تغيير مجرى الأحداث أو حتي توفير جرعة ماء أو لقمة خبز، ناهيك عن المساعدات الطبية.

الرأي الحر