الوثيقة
طاقة البرلمان: محطة الضبعة تجسيد لرؤية الرئيس في امتلاك مصادر طاقة مستدامة وآمنةباسم الجمل: العلاقات «المصرية - الصينية» تشهد نموًا مطردًا بفضل جهود قيادتي البلدينبجهود النائبة نجلاء العسيلي وتوجيهات محافظ أسيوط... ”محطة الأمل” ترى النور في بني عديات بعد سنوات من العطشلأول مرة.. رئيس المجلس المحلي السابق لأسنا يروي قصة لقائه التاريخي مع محافظ الأقصرأحمد محسن: تصريحات الرئيس خلال لقاء رئيس مجلس الدولة الصيني تعكس رؤية استراتيجية لتعزيز الشراكة بين البلدينسامي نصر الله: الدولة في ملف الاسكان طفرة غير مسبوقة.. وطرح 113 ألف وحدة جديدة استمرار لمسيرة الإنجازتوقيع اتفاقية استثمار بقيمة ٧٠-١٠٠ مليون دولار بين شركة ”بوني سوكس” التركية وشركة ”السويدي للتنمية الصناعية”خبير: الدول العربية تتحرك بخطى متسارعة نحو الدمج الفعلي للذكاء الاصطناعيرئيس حزب الاتحاد يشيد بأداء الهيئة الوطنية للانتخابات ويثمن استجابتها لملاحظات الحزبنجلاء العسيلي: زيارة رئيس وزراء الصين للقاهرة ترسي دعائم شراكة استراتيجية أوسع بين القاهرة وبكينأمين الجبهة الوطنية بالفيوم: استراتيجيتنا تقديم الحلول والاقتراحات في كافة القضايا“ الجيل”: 12 مرشحًا للحزب على المقاعد الفردية بانتخابات مجلس الشيوخ
الرأي الحر

علي أبو مرسه يكتب: الحرب التي لا تُعلن: كيف تحوّل التعريفات الجمركية إلى سلاح سري في يد ترامب؟

علي أبو مرسه
علي أبو مرسه

منذ عودته إلى المشهد السياسي، لم يكن دونالد ترامب مجرد رئيس أمريكي تقليدي، بل شخصية استثنائية تنتمي إلى عالم الصفقات، وقد نقل هذه الذهنية إلى قلب السياسة الدولية، حيث لم يتعامل مع الاقتصاد كغاية في حد ذاته، بل كمجرد أداة نفوذ وتأثير. واحدة من أبرز آلياته في هذا المجال كانت سياسة التعريفات الجمركية، التي استخدمها ليس فقط لحماية الصناعات المحلية، بل كوسيلة"بندوقه" بلهجة الغزيه لضغط على خصومه وحلفائه على حد سواء، من أجل فرض وقائع جديدة على الساحة التجارية والسياسية.

ترامب لم يكن يؤمن بالأساليب الدبلوماسية الكلاسيكية، بل فضّل أسلوب المواجهة المباشرة، واعتبر أن فرض الضرائب على الواردات هو السبيل الأسرع لفرض الإرادة الأمريكية. وقد ظهر ذلك بوضوح في تعامله مع الصين، الخصم الاقتصادي الأكبر، حين فرض رسوماً جمركية بمليارات الدولارات على المنتجات الصينية، بهدف إجبار بكين على تقديم تنازلات حقيقية في ملفات معقدة مثل حقوق الملكية الفكرية، ودعم الشركات الحكومية، وسد الفجوات في الميزان التجاري بين البلدين. لم يكن الهدف اقتصاديًا بحتًا، بل سياسيًا واستراتيجيًا في جوهره، حيث سعى ترامب إلى إعادة تشكيل قواعد اللعبة التجارية العالمية وفقًا لمصالح الولايات المتحدة.

ولم تكن الصين وحدها على طاولة الضغط، بل امتد تأثير سياسة التعريفات إلى الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، مثل دول الاتحاد الأوروبي. فقد فرض ترامب ضرائب جمركية على منتجات أوروبية من الفولاذ والألمنيوم، وهدد لاحقًا بفرض تعريفات على قطاع السيارات الألماني، في خطوة اعتبرها كثيرون صادمة نظراً للعلاقات الوثيقة بين واشنطن وبروكسل. كان ترامب يستخدم هذه الضغوط لتحقيق مكاسب مزدوجة، سواء على المستوى التجاري أو في ملفات استراتيجية مثل مساهمات الدول الأوروبية في ميزانية حلف الناتو، حيث سعى لإجبارها على زيادة إنفاقها العسكري.

حتى الدول العربية، وخاصة دول الخليج، لم تكن بعيدة عن هذا النهج، رغم أنها لم تتعرض لتعريفات مباشرة. لكن التلويح بالضغوط الاقتصادية كان حاضراً، خصوصاً في ملفات النفط والتسلح والسياسات الإقليمية. وقد حاول ترامب استغلال ثقل الاقتصاد الأمريكي وعلاقاته التجارية لتوجيه رسائل واضحة إلى هذه الدول مفادها أن التحالف مع واشنطن له ثمن، وأن المصالح الاقتصادية يمكن أن تتحول إلى أوراق ضغط متى تطلب الأمر.

إلا أن هذه اللعبة، رغم فعاليتها على المدى القصير، تبقى محفوفة بالمخاطر. فالتصعيد الجمركي قد يفتح الباب لحروب تجارية مضادة، ويدفع الدول الأخرى إلى البحث عن شركاء وأسواق بديلة بعيداً عن الولايات المتحدة. والأسوأ من ذلك أن المستهلك الأمريكي نفسه قد يتحمل جزءاً كبيراً من فاتورة هذه السياسات، من خلال ارتفاع الأسعار وتقلب الأسواق. أضف إلى ذلك التوتر في العلاقات الدولية، وتراجع الثقة في استقرار النظام التجاري العالمي، وهي نتائج قد لا تظهر فوراً، لكنها ستنعكس حتماً على المدى الطويل.

ما قام به ترامب يعكس بوضوح رؤيته القائمة على شعار “أمريكا أولاً”، والتي ترى في الاقتصاد أداة ضغط أكثر من كونه وسيلة للتكامل الدولي. هذه الرؤية، وإن حققت بعض المكاسب التكتيكية، قد تكلّف الجميع ثمناً باهظاً إذا لم تُقابل بحكمة وتوازن. فالعالم اليوم لم يعد ساحة صفقات، بل شبكة معقدة من المصالح المشتركة، وأي خلل في ميزان هذه المصالح قد يؤدي إلى اضطراب عالمي لا يُحمد عقباه.

الرأي الحر