دكتورة فاتن فتحي تكتب: الرعاية الصحية المنزلية راحة للمرضى وكرامة للمسنين وتخفيف للأعباء المالية عن الأسر


دكتورة فاتن فتحي تكتب: الرعاية الصحية المنزلية راحة للمرضى وكرامة للمسنين وتخفيف للأعباء المالية عن الأسر.
الرعاية المنزلية للمسنين تعد واحدة من الحلول المهمة التي تسهم في تحسين جودة حياة كبار السن وتوفير الرعاية التي يحتاجون إليها في بيئة مألوفة وآمنة. مع تزايد عدد المسنين في مختلف أنحاء العالم، أصبح من الضروري توفير خدمات رعاية صحية متكاملة تتيح لهم العيش بكرامة واستقلالية في منازلهم. في هذا المقال، سنتعرف على أهمية الرعاية المنزلية وأبعادها المختلفة.
أما عن أهمية الرعاية المنزلية للمسنين، ينبغي التأكيد على أنه يعيش أكثر من 700 مليون شخص حول العالم فوق سن الـ 60 عامًا، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 2 مليار شخص بحلول عام 2050، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة. هذا الارتفاع الكبير في أعداد المسنين يتطلب توفير حلول جديدة ومتنوعة لرعايتهم، حيث أن الغالبية العظمى من كبار السن يفضلون البقاء في منازلهم بدلاً من الانتقال إلى دور الرعاية. الدراسات تشير إلى أن 70% من كبار السن في الولايات المتحدة يفضلون العيش في منازلهم لأطول فترة ممكنة.
فالرعاية المنزلية توفر فرصة لتلبية احتياجات المسنين الطبية والاجتماعية والنفسية في أجواء مألوفة، مما يساهم في تعزيز راحتهم النفسية ويخفف عنهم الضغوط المرتبطة بالانتقال إلى أماكن جديدة.
كما تعتبر الرعاية الطبية المنزلية أحد الجوانب الأساسية في خدمة الرعاية المنزلية، حيث يتم تقديم العناية الطبية المباشرة للمسنين في منازلهم. تشمل هذه الخدمات متابعة الحالة الصحية، تقديم الأدوية والعلاج المناسب، وكذلك مراقبة العلامات الحيوية مثل ضغط الدم والسكري. ووفقًا لدراسة نشرتها مجلة "Journal of Aging & Social Policy"فإنه يُعتبر توفير الرعاية الطبية في المنزل أكثر كفاءة من زيارة العيادات أو المستشفيات، إذ تسهم في تقليل معدلات التردد على المستشفيات بنسبة تصل إلى 25%. من خلال الأطباء والممرضين المتخصصين في الرعاية المنزلية، يتمكن المسن من تلقي العناية المستمرة من دون الحاجة إلى مغادرة منزله. كما تساعد هذه الخدمة في تحسين التحكم بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب التي يعاني منها عدد كبير من المسنين.
إن من أكبر التحديات التي يواجهها المسنون هو صعوبة أداء الأنشطة اليومية مثل تناول الطعام، الاستحمام، ارتداء الملابس، أو التنقل داخل المنزل. وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 40% من كبار السن في الدول المتقدمة من صعوبة في أداء الأنشطة اليومية الأساسية. ولا بد من التأكيد على أن الرعاية المنزلية للمسنين تقدم الدعم المطلوب في هذا السياق، حيث يساعد مقدمو الخدمة في إنجاز هذه الأنشطة بأسلوب يضمن راحة المسن ويعزز من شعوره بالاستقلالية. تلك المساعدات تشمل:
المساعدة في التنقل باستخدام أجهزة مساعدة مثل العكازات أو الكراسي المتحركة، والمساعدة في التغذية من خلال تنظيم الوجبات وتقديم الطعام المناسب. العناية الشخصية مثل الاستحمام، تنظيف الأسنان، وتغيير الملابس. كما تعمل هذه الخدمات على تقليل عبء العمل على الأسرة وتساعد في تخفيف التوتر النفسي المرتبط برعاية المسنين.
كما العلاج الطبيعي يعد أحد العناصر الأساسية للرعاية المنزلية، خاصة لأولئك الذين يعانون من مشاكل في الحركة. تقدم هذه الخدمة جلسات علاجية تهدف إلى تقوية العضلات والمفاصل أن وتحسين القدرة على التحرك. في تقرير نشرته "المنظمة العالمية للصحة"، تم التأكيد على أن 1 من كل 3 مسنين فوق سن الـ 65 يعانون من ضعف في الحركة والتوازن، ما يجعلهم عرضة للسقوط والإصابات. العلاج الطبيعي يساعد في تحسين قدرة المسن على الوقوف والمشي، مما يقلل من خطر السقوط بنسبة تصل إلى 30%.
كذلك لا تقتصر الرعاية المنزلية على الجوانب الطبية والجسدية فقط، بل تشمل أيضًا الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى للمسنين. تشير الدراسات إلى أن حوالي 20% من كبار السن يعانون من الاكتئاب، و30% منهم يشعرون بالعزلة الاجتماعية. تساعد الرعاية المنزلية في تقليل هذه المشاعر السلبية من خلال تفاعل المسن مع مقدمي الرعاية بشكل منتظم. كما أن تقديم الدعم النفسي يساهم في تحسين الحالة المزاجية للمسن ويعزز من حماسه للتفاعل مع البيئة المحيطة به.
إن إحدى المزايا الكبيرة للرعاية المنزلية هي إمكانية تقديم خدمة مستمرة على مدار الساعة. في حالات معينة، مثل كبار السن الذين يعانون من حالات صحية حرجة أو الذين يحتاجون إلى مراقبة دائمة، يمكن لمقدمي الخدمة توفير الدعم في أي وقت. حسب دراسة نشرتها "AARP"، فإن 40% من المسنين الذين يتلقون رعاية منزلية يتطلبون رعاية على مدار الساعة بسبب ضعف حالتهم الصحية أو الحاجة إلى مراقبة مستمرة.
ختاما.. إنه ومع تزايد أعداد المسنين في العالم، أصبح من الضروري توفير حلول مبتكرة لضمان جودة حياتهم. الرعاية المنزلية ليست مجرد خيار طبي، بل هي أسلوب حياة يمنح المسن فرصة للعيش في بيئة مألوفة، مع الاستمرار في تلقي الدعم الطبي والاجتماعي اللازم. من خلال تقديم الرعاية الطبية، المساعدة في الأنشطة اليومية، دعم العلاج الطبيعي، والمساندة النفسية، تساهم الرعاية المنزلية في تعزيز استقلالية المسن والحفاظ على صحته وجودة حياته. علاوة على ذلك، توفر هذه الخدمة راحة لأسرهم وتخفف عنهم عبء العناية المستمرة.