الوثيقة
اختيار محمود أبو السعود عضوا بأمانة النقابات المهنية بحزب الجبهة الوطنيةالنائب تيسير مطر داعيا المصريين للمشاركة بكثافة في انتخابات مجلس الشيوخ: واجب وطني ورسالة دعم للدولةأحمد حامد: الذكاء الاصطناعي أصبح خطرًا يفوق الأوبئة والحروب النوويةالجيل الديمقراطي: تطبيق “تيك توك” اغتيال مُمنهج لهوية وثقافة الأجيال القادمةمجدي البري يدعو المصريين بالداخل للمشاركة بكثافة: صوتكم رسالة دعم للدولة في مواجهة التحديات”أثر تطبيق مبادئ الحوكمة على الأداء المالي في البنوك التجارية” رسالة دكتوراه للباحث عياد رزق عبيد بأكاديمية الساداتمظهر أبوعايد يكتب : ”الذكاء الاصطناعي والإنسان”..تهذيب ومعرفة أم تقليد أعمى لأسوأ ما في البشر؟!قسم ”صحة الأسرة والمجتمع” بجامعة بورسعيد يختتم مؤتمره العلمي الرابع ” ويشيد بدور رئيس الجامعة وعميدة كلية التمريض .محمد الجارحي: إرادة مصر وقيادتها وشعبها أقوى من أي حصار وغزة عمرها ما حتكون لوحدهارئيس حزب الاتحاد يدعو لمشاركة المصريين بانتخابات الشيوخ بالداخل: مسؤولية وطنية في لحظة فارقةسامي نصر الله: إقبال المصريين بالخارج على انتخابات الشيوخ يؤكد وعيهم وحرصهم على المشاركة في بناء مؤسسات الدولةعبد الوهاب خليل: تظاهرات الإخوان أمام السفارات المصرية ”خيانة للقضية الفلسطينية” ومحاولة لضرب استقرار الدولة
الرأي الحر

مظهر أبوعايد يكتب : ”الذكاء الاصطناعي والإنسان”..تهذيب ومعرفة أم تقليد أعمى لأسوأ ما في البشر؟!

مظهر أبو عايد
مظهر أبو عايد

في زمنٍ أصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا من تفاصيل يومنا العادي، لم تعد علاقتنا معه تقتصر على أوامر برمجية باردة، بل تحولت إلى حوارات وأفكار وأساليب تعبير تتقاطع مع أذواقنا وثقافتنا وحتى أخلاقنا. ومن هنا ينبثق سؤال بالغ الأهمية: هل أدوات الذكاء الاصطناعي تعكس مستوى رقي المستخدم في اللغة والأسلوب، أم أنها – بمرور الوقت – تصوغ له أسلوبًا جديدًا، قد يكون أكثر تهذيبًا... أو أشد ابتذالًا؟
أكثر من 1.3 مليار إنسان حول العالم يستخدمون تطبيقات الذكاء الاصطناعي التفاعلي يوميًا، بحسب بيانات 2025 الصادرة عن منصة Statista، فيما يتعامل نحو 320 مليون مستخدم بشكل يومي مع مساعدات ذكية مثل ChatGPT وClaude وGemini وغيرها. في هذا الكم الهائل من التفاعل النصي واللغوي، لا بد أن يتسلل سؤال: من يعلّم من؟ وهل نحن من يطبع بصمتنا على الذكاء الاصطناعي، أم هو من يعيد تشكيل وعينا اللغوي وتفكيرنا التعبيري؟
تعمل هذه النماذج الاصطناعية الذكية بأسلوب لا يخلق محتوى ذاتيًا، بل يستجيب للسياق الذي يخلقه المستخدم. فإذا تحدثت بأدب، جاءك الرد مميزًا مهذبًا، وإذا استخدمت لهجة منحطة أو خطابًا هابطًا، فإما أن يُقابلك بتحفظ أو يسايرك ضمن حدود مبرمجة مسبقًا، وفقًا لسياسات الأمان وضوابط النشر الأخلاقي التي تضعها الشركات المطوّرة.
لكن المعضلة الأعمق لا تكمن فقط في رد الفعل، بل في قابلية هذه النماذج لتعلّم أنماط الكلام المتكررة وتعميمها، مما يعني أنها لا تعكس فحسب، بل تكرّس الأسلوب السائد وتعيد إنتاجه لدى مستخدمين آخرين. وهذا ما يطرح إشكالية التأثير المتبادل: إذا سادت السوقية أو الخطاب التافه في بيئة معينة، فإن الذكاء الاصطناعي – رغم براءته الأخلاقية – قد يصبح ناقلًا غير مباشر لهذا النمط، يعيد تدويره بصياغات محسّنة، لكنه لا يقل ضررًا في الجوهر.
تقرير لمعهد McKinsey مطلع عام 2025 أشار إلى أن 68% من مستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي شعروا بتحسن في لغتهم وقدرتهم التعبيرية بفضل التفاعل المستمر مع هذه الأدوات، بينما عبر 22% عن خشيتهم من فقدان شخصيتهم الأسلوبية بسبب اعتمادهم الزائد على قوالب جاهزة ومساعدات تعبيرية مكررة. هذه النسبة تكشف أن الفائدة ليست مطلقة، بل مشروطة بدرجة وعي المستخدم وقدرته على استخدام الأداة دون أن يصبح تابعًا لأسلوبها.
المساعدات الذكية أيضًا ليست مجرد مستجيبة سلبية، فهي تتعلم باستمرار مما يُغذّى بها. كل محادثة، وكل تفاعل، هو بمثابة لبنة في بنائها المعرفي والأسلوبي، ما يجعل من المستخدم جزءًا أصيلًا في رسم ملامح اللغة والتفكير التي تظهر بها هذه الأدوات. ولهذا فإن مسؤولية الحفاظ على رقي الخطاب وجودة التعبير تقع على عاتق المستخدمين، تمامًا كما تقع على عاتق الشركات المطورة مسؤولية عدم الانجرار وراء جذب المستخدمين على حساب الذوق العام.
في منصات التواصل الاجتماعي مثل Reddit و TikTok، حيث تنتشر لهجات سوقية وخطابات استهلاكية، يُلاحظ أن بعض المساعدات المتكيفة مع هذه البيئات تكتسب تدريجيًا أسلوبًا شعبيًا أو ساخرًا، ما يجعلها أقرب إلى مرآة مشوشة تعكس أسوأ ما في الجمهور بدلًا من تهذيبه. وعلى الجانب الآخر، تظهر النماذج المدمجة في تطبيقات تعليمية أو بيئات أكاديمية وهي تتمسك بمستوى لغوي ومعرفي عالٍ، مما يثبت أن الذكاء الاصطناعي لا ينفصل عن محيطه ولا يتحرك في فراغ.
الخلاصة.. العلاقة بين المستخدم والذكاء الاصطناعي ليست خطًا واحدًا يبدأ من الآلة وينتهي عند الإنسان، بل هي علاقة تبادلية معقدة، يمكن أن تكون بوابة للارتقاء أو وسيلة للانحدار. ولأن هذه الأدوات أصبحت امتدادًا لوعي المستخدمين، فإن السؤال الحقيقي لم يعد: ماذا يقول لنا الذكاء الاصطناعي؟ بل: ماذا نقول له نحن؟ وماذا نسمح له بأن ينقله عنا للآخرين؟
إننا – وإن كنا نستخدم هذه الأدوات – ننسى أحيانًا أنها تستخدمنا أيضًا، تسجل وتتعلم وتبني على ما نقوله ونكتبه، لتعود وتقدمه بشكل أكثر اتساعًا وتأثيرًا. وهنا تكمن المسؤولية الثقافية والأخلاقية: إذا كنا نطمح لخطاب عام أكثر رقيًا، فعلينا أن نبدأ من هنا، من الكلمة التي نوجهها لهذه الأدوات، لأنها قد تصبح غدًا لسانًا لا يمثلنا وحدنا، بل ملايين غيرنا.

الرأي الحر