الوثيقة
رئيس مجلس أمناء ”هي تستطيع”: اختيار أول مصري وعربي لهذا المنصب يعكس ثقة العالم في الكفاءة المصريةأحمد الخولي يكتب: روح أكتوبر المجيد.. المصريون يحتفلون بالنصر ويواصلون معركة البناء والتحديدكتورة فاتن فتحي تكتب: ذكرى نصر اكتوبر المجيد نبراس يضي الطريق للمصريين ويلهم الأجيال الجديدة معاني الوطنية والفداءمالك السعيد المحامي يكتب: ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة تلهم المصريين لانجاز أعظم مشروعات التنمية ومواجهة التحديات الخارجيةمحمد الخولي يكتب: في ذكرى انتصارات أكتوبر المجيد .. التوحد خلف الجيش والقيادة السياسية السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الإقليمية والعالميةأحمد الخشن: كلمة الرئيس في ذكرى أكتوبر تجسد وعي الدولة بثوابت الأمن القوميأحمد عبد المجيد: كلمة الرئيس في ذكرى انتصارات أكتوبر ترسخ لمعادلة القوة والسلامطارق عناني: حرب أكتوبر برهنت على أن الإرادة الصلبة أقوى من خط بارليف المنيععضو بالشيوخ: روح أكتوبر تتجدد في مشروع الدولة لبناء الجمهورية القوية والآمنةبرلمانية: رسائل الرئيس في ذكرى أكتوبر تؤكد أن السلام العادل هو طريق الاستقرار الحقيقيأشرف أبو النصر: كلمة الرئيس في ذكرى أكتوبر دعوة للوعي الوطني واستكمال مسيرة التنمية والاستقراربحضور السفيرة نبيلة مكرم .. راعي مصر توقع بروتوكولات تعاون مع عدد من المؤسسات خلال احتفالية بقصر عابدين
الرأي الحر

أحمد الخولي يكتب: روح أكتوبر المجيد.. المصريون يحتفلون بالنصر ويواصلون معركة البناء والتحدي

أحمد الخولي
أحمد الخولي


فى مثل هذا اليوم المجيد، تتجدد كل عام ذكرى العزة والفخار، وتعود إلى الأذهان صور البطولة والتضحية التي سطرها جنود مصر البواسل في ملحمة العبور الخالدة عام 1973. إنها الذكرى التي لا تنطفئ، لأنها ليست مجرد حدث عسكري، بل رمز لإرادة أمة قررت أن تنهض من الانكسار إلى الانتصار، وأن تثبت للعالم أن المستحيل ليس في قاموس المصريين.
يحتفل المصريون بذكرى نصر أكتوبر المجيد هذا العام وسط أجواء من الفخر والاعتزاز، وهم يستلهمون من روح ذلك النصر دروسًا تتجاوز ميادين القتال إلى ميادين العمل والبناء والتنمية. فكما انتصرت مصر بالأمس على العدو العسكري، فإنها اليوم تخوض معارك أخرى لا تقل شراسة، ضد الفقر والتحديات الاقتصادية والإقليمية والعالمية، واضعة نصب عينيها هدفًا واحدًا هو بناء مستقبل يليق بعظمة تاريخها وشعبها.
لقد كانت حرب أكتوبر لحظة فاصلة في تاريخ الأمة المصرية، إذ واجهت مصر قبلها سنوات من الانكسار واليأس بعد نكسة 1967، حين بدا للبعض أن الأمل قد تلاشى، وأن الاحتلال أصبح أمرًا واقعًا لا مفر منه. لكن مصر لم تعرف الاستسلام قط، فبدأت فورًا في إعادة بناء قواتها المسلحة تحت قيادة حكيمة وشعب مؤمن بعدالة قضيته. لم يكن الطريق سهلاً، بل كان مليئًا بالتحديات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لكن عزيمة المصريين كانت أقوى من كل الصعاب.
جاء يوم السادس من أكتوبر ليؤكد أن الإيمان بالوطن والعمل الجاد قادران على تحقيق المعجزات. ففي لحظة تاريخية، تمكن الجيش المصري من عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف المنيع، أحد أقوى التحصينات في التاريخ العسكري الحديث. كانت تلك اللحظة تجسيدًا حقيقيًا لوحدة المصريين، حيث امتزجت دماء المسلمين والمسيحيين على أرض المعركة، والتف الشعب خلف جيشه ودولته بإيمان راسخ بأن النصر قادم لا محالة.
ومنذ ذلك اليوم المجيد، أصبحت روح أكتوبر نبراسًا يضيء طريق الأجيال المتعاقبة. فهي الروح التي تدفع المصريين إلى مواجهة كل ما يعترض طريقهم من تحديات، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية. واليوم، بعد أكثر من خمسة عقود على النصر، ما زالت مصر تستمد من تلك الروح طاقتها في معركة التنمية والتحديث التي تخوضها على كافة الأصعدة.
تعيش مصر في السنوات الأخيرة مرحلة غير مسبوقة من التنمية والتطوير. فالمشروعات القومية العملاقة تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. مدن جديدة تبنى على أحدث الطرازات، وطرق ومحاور تربط بين أطراف الوطن لتسهيل حركة المواطنين والبضائع، ومناطق صناعية وزراعية تفتح آفاقًا جديدة للعمل والاستثمار. كما شهدت قطاعات التعليم والصحة والطاقة طفرة واضحة، تعكس إرادة الدولة في بناء الإنسان المصري وتحسين جودة حياته.

لم تكن هذه الإنجازات وليدة الصدفة، بل هي ثمرة تخطيط طويل المدى وإصرار على تحويل التحديات إلى فرص. فكما واجهت مصر في الماضي عدواً يهدد وجودها، تواجه اليوم أعداء من نوع آخر، يتمثلون في الأزمات الاقتصادية العالمية، والتقلبات السياسية الإقليمية، ومحاولات بث الشك والإحباط بين صفوف الشعب. لكن المصريين، وهم أبناء أكتوبر، يدركون أن المواجهة الحقيقية تبدأ من الداخل، بالإيمان بالقدرات الوطنية، وبالعمل المتواصل والإخلاص في خدمة الوطن.
لقد أثبتت مصر، خلال الأزمات الأخيرة التي عصفت بالعالم، قدرتها على الصمود والمواجهة بفضل سياستها المتوازنة وقيادتها الحكيمة. فعندما اجتاحت جائحة كورونا العالم، استطاعت الدولة المصرية أن تدير الأزمة بكفاءة، موازنة بين حماية المواطنين والحفاظ على عجلة الاقتصاد. وعندما اشتدت الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجعت معدلات النمو في دول كبرى، ظلت مصر ماضية في تنفيذ مشروعاتها القومية، مستندة إلى قاعدة إنتاجية متنامية وشعب يدرك قيمة العمل والصبر.
وإذا كانت روح أكتوبر قد جسدت في الماضي معنى التضحية من أجل الأرض والكرامة، فإنها اليوم تتجسد في الإصرار على التنمية وتحقيق التقدم رغم كل التحديات. فالمعركة الآن لم تعد بالسلاح وحده، بل بالعلم والعمل والانضباط والإبداع. فالمهندس الذي يشق طريقًا جديدًا، والطبيب الذي يسهر على علاج مريض، والعامل الذي يواصل الليل بالنهار لبناء مصنع، كلهم مقاتلون في معركة البناء، وكلهم أبناء لروح أكتوبر.
وفي خضم هذه الاحتفالات المجيدة، تتجدد الدعوة إلى كل المصريين بأن يتوحدوا خلف دولتهم وجيشهم، فالوحدة كانت دائمًا سر قوة هذا الوطن. إن التحديات التي تواجهها مصر اليوم، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو حتى فكرية، تتطلب تماسكًا ووعيًا من الجميع. فالجيش الذي حمى الأرض قادر على حمايتها دومًا، لكنه بحاجة إلى شعب يقف خلفه ويدعمه، تمامًا كما فعل أجدادنا في حرب أكتوبر.
إن ذكرى النصر ليست مجرد احتفال أو مناسبة وطنية، بل هي تذكير دائم بأن مصر قادرة على تجاوز كل المحن طالما ظلت متماسكة قوية. إنها رسالة إلى الأجيال الجديدة بأن الانتصار لا يتحقق إلا بالإيمان والعمل والوحدة. وفي الوقت الذي تنظر فيه دول كثيرة إلى المستقبل بقلق، تمضي مصر بثقة في طريقها، مستلهمة من ماضيها المشرق دروسًا لمستقبل أكثر إشراقًا.
وفي النهاية، تبقى ذكرى السادس من أكتوبر درسًا خالدًا في الوطنية والبطولة، ودليلًا على أن الشعوب التي تؤمن بذاتها لا تعرف الهزيمة. ستظل مصر، أرض الكنانة، وطنًا شامخًا يقهر الصعاب، وينتصر في كل معاركه، سواء كانت عسكرية أو تنموية أو اقتصادية. ومع كل ذكرى جديدة لنصر أكتوبر، يؤكد المصريون للعالم أن روح أكتوبر لا تزال حية فيهم، وأن إرادة النصر والبناء لا تعرف التراجع، ما دام هناك وطن يستحق التضحية وجيش يحميه وشعب يؤمن بأنه قادر دائمًا على صنع المعجزات.

الرأي الحر