الوثيقة
المهندس أحمد مهران أمينًا مساعدًا لأمانة الذكاء الاصطناعي بحزب الجبهة الوطنيةأحمد حلمي: نستعد للانتخابات بعمل ميداني ولقاءات توعوية تستهدف كل فئات المجتمعتكريم عالمي للدكتور أحمد عاصم الملا في بودابست كأحد أبرز خبراء الحقن المجهري وعلاج العقم في العالم العربيالسفارة التركية بالقاهرة تنظم فعالية بمناسبة عيد الشباب والرياضة وذكرى أتاتورك 19 مايوالأمير عبد العزيز بن طلال يدشن منصة “المرجع الوطني لطب الأسرة”منتدى ناصر الدولي ينظم زيارة لمدينة الإسكندرية ومتحف القوات الجويةرئيس صحة الشيوخ: خطاب الرئيس في قمة بغداد يُجسد الموقف المصري الثابت والداعم الحقيقي للقضية الفلسطينيةأحمد محسن: كلمة الرئيس في قمة بغداد عكست ثوابت مصر القومية ودورها القيادي في دعم القضية الفلسطينيةمدحت الكمار: الرئيس عبّر عن صوت الشعوب العربية في قمة بغداد وأكد أن لا سلام دون دولة فلسطينية مستقلةمحمد خلف الله: مصر تواصل دعمها الثابت للبنان والتزامها بأمن واستقرار المنطقةالدكتور أحمد عاصم الملا: الحقن المجهري أمل حقيقي للنساء بعد تكرار الإجهاضدكتورة فاتن فتحي تكتب.. مصر الثقل الإقليمي والدولي الأهم في استقرار الشرق الأوسط والمنطقة العربية
الرأي الحر

دكتورة فاتن فتحي تكتب.. مصر الثقل الإقليمي والدولي الأهم في استقرار الشرق الأوسط والمنطقة العربية

الدكتورة فاتن فتحي
الدكتورة فاتن فتحي

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتشابك المصالح، لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتعبير، بل تحولت في بعض الأحيان إلى ساحة تعج بالعبثية، وتضج بأوهام لا تستند إلى منطق ولا إلى معرفة حقيقية بتعقيدات السياسة الدولية، ومن بين تلك الأوهام، ما يتردد مؤخرًا من تعليقات وتقليل لدور مصر ومكانتها على خلفية زيارات قام بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لبعض دول الخليج.
من المؤسف أن يغيب عن بعض المعلقين حجم مصر الحقيقي، ودورها التاريخي والمستمر كفاعل مركزي في قضايا المنطقة. فزيارة ترامب ــ التي تحمل بعدًا رمزيًا واستثماريًا أكثر من كونها تعبيرًا عن تحالفات استراتيجية عميقة ــ لا تُنقص من ثوابت الدور المصري، ولا تغيّر من معادلات التأثير في الملفات الشائكة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
لقد أعادت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الأخيرة التأكيد على الثوابت المصرية تجاه القضية المركزية للعرب، حين شدد بشكل واضح لا لبس فيه على أن "لا سلام ولا تطبيع دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية". كانت الكلمة بمثابة تذكير صريح بأن بوابة الاستقرار الإقليمي لا يمكن أن تُفتح دون المرور عبر الحق الفلسطيني، ودون اعتبار مصر ضامن ووازن حقيقي في مسار التسويات لكل المشكلات الإقليمية والقارية .
لم يقتصر حضور مصر على الكلمات والمواقف، بل يتجلى كذلك في تحركات رفيعة المستوى تؤكد إدراك القوى الدولية لدورها المحوري. فزيارة كبير مستشاري ترامب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا إلى القاهرة مؤخرًا، على رأس وفد أمريكي رفيع المستوى، جاءت في توقيت حساس يعيد ترتيب أوراق المنطقة، وكانت دلالة قاطعة على أنه لا يمكن تجاوز مصر أو القفز على وزنها السياسي والجغرافي والدبلوماسي الأهم فى المنطقة .
لقد ظلت مصر، رغم كل التحديات، صمام أمان إقليمي، ووسيطًا موثوقًا في أصعب الملفات، من مفاوضات غزة إلى استقرار السودان وليبيا، إلى العلاقة المتوازنة مع القوى الكبرى. وكل من يعرف بواطن التحركات الدولية يدرك أن صمت القاهرة أحيانًا لا يعني غيابًا، بل حكمة في انتظار اللحظة المناسبة لتقديم الحل.
إن ما يدور على منصات التواصل الاجتماعي من تهوين أو تهجم أو مقارنة سطحية بين أدوار الدول لا يغير من الحقائق شيئًا، ولا يليق بعقول تعرف تاريخ مصر ووزنها، فالمعادلات الجيوسياسية لا تُقاس بعدد الصور المنشورة أو التصريحات الجوفاء، بل بما تملكه الدول من أوراق تأثير، ومواقف صلبة، وقدرة على الصمود حين تترنح المواقف الأخرى أو تشترى بالرشوة أو الجباية ..أو سمها الإتاوة بمقتضى الحال .
مصر ليست دولة تبحث عن الظهور، بل دولة تصنع التوازن، وتحمي جوهر القضايا العربية من الابتذال أو التفريط. ومن لا يرى ذلك، فهو إما جاهل أو حاقد أو لا يفهم من السياسة شيئا .. وليس أدل على مكانة مصر من شهادات كبار الساسة في العالم، ممن أدركوا عبر عقود أن القاهرة ليست مجرد عاصمة لدولة، بل مفتاح لاستقرار الإقليم. فقد قال هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: "لا حرب في الشرق الأوسط دون مصر، ولا سلام دون سوريا، ولكن السلام الحقيقي يبدأ من القاهرة". أما شارل ديغول، الرئيس الفرنسي الراحل، فصرّح قائلًا: "إن لم تكن مصر فاعلة، فلا شرق أوسط أصلًا". واعترف ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، بأن "العرب ليسوا خطرًا على إسرائيل، الخطر الحقيقي هو مصر، فهي وحدها إذا نهضت تستطيع تغيير المعادلة كلها".
كما قال باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق: "مصر هي حجر الأساس في بناء السلام الإقليمي، ومن دونها لا يمكن رسم مستقبل للشرق الأوسط". وأضاف جيمي كارتر، الذي رعَى اتفاقية السلام التاريخية في كامب ديفيد: "قمتُ بأهم عمل دبلوماسي في حياتي عندما جلست مع السادات.. لأن مصر هي الدولة القادرة على نقل المنطقة من الصراع إلى الحلول". وصرّح أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية السابقة، بأن "استقرار مصر يعني استقرار البحر المتوسط وأوروبا، وموقعها يجعلها قوة لا يمكن تجاهلها". فيما قال فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، خلال زيارة له إلى القاهرة: "مصر تلعب دورًا محوريًا في الشرق الأوسط، ونحن نقدر سياستها المتزنة ودورها القيادي".
هذه التصريحات التي صدرت فى سياقات مختلفة من قادة يمثلون توجهات وأيديولوجيات مختلفة تعكس إدراكًا دوليًا عميقًا بأن مصر لاعبًا أساسيا ولازماً في المشهد السياسي العالمي، و تؤكد حقيقة واحدة لا تتغير: أن مصر تظل مركز الثقل في معادلات الشرق الأوسط والمنطقة العربية والقارة السمراء، وأن استقرارها والتزام دورها ومكانتها شرط أولي لتحقيق الاستقرار الإقليمي والدولي، بل حجر زاوية لا غنى عنه في صنع التوازنات الكبرى.

الرأي الحر