الوثيقة
الأخبار

أحمد حامد​​​ يُحذر: التطبيقات المجانية تُخزن ملامحك لإنتاج محتوى مزيف

المهندس أحمد حامد، استشاري التحول الرقمي
المهندس أحمد حامد، استشاري التحول الرقمي

قال المهندس أحمد حامد، استشاري التحول الرقمي، ومستشار عام النظم الأمنية بالجمعية المصرية للأمم المتحدة، إن مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت في الأيام الأخيرة بصورٍ تُحول أصحابها إلى فراعنة وملوك قدماء بملامح دقيقة وتفاصيل مُدهشة، في مشهد يعكس مدى انتشار الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية وسهولة استخدامه من مختلف الأعمار، وبضغطة زر أصبح أي شخص قادرًا على رؤية نفسه في هيئة ملك من زمن الفراعنة، وهي ظاهرة تحمل جانبًا إيجابيًا يتمثل في شغف الناس بالتقنية وإبداعهم في التعبير عن هويتهم الثقافية، لكنها في الوقت نفسه تذكير بأن كل ابتكار يحمل وجهين: أحدهما فني مبهج يُعيد إحياء التاريخ بروح معاصرة، والآخر يتطلب وعيًا ومسؤولية في التعامل مع الأدوات الرقمية حتى لا تتحول المتعة إلى مصدر خطر أو استغلال.

وأضاف "حامد"، أن منصات الذكاء الاصطناعي شهدت موجة استخدام غير مسبوقة في مصر والعالم العربي بعد انتشار موضة “التحويل إلى فرعوني” قبل وبعد افتتاح المتحف المصري الكبير، وتُشير بيانات إلى أن تطبيقات تعديل الصور بالذكاء الاصطناعي تجاوزت مليارًا ومئتي مليون تنزيل حول العالم خلال عام واحد فقط، وهو رقم يعكس مدى انتشار هذه التكنولوجيا وسهولة الوصول إليها، حتى أصبحت متاحة في يد الجميع وليست حكرًا على المتخصصين أو الفنانين الرقميين، لكن هذه السهولة تحمل في طيّاتها جانبًا آخر لا ينتبه إليه كثيرون.

وأوضح أنه خلف الصور البراقة تكمن مشكلة حقيقية وهي من يملك الصورة بعد رفعها؟، فعند استخدام تطبيقات مجانية أو مواقع غير موثوقة، يمنح المستخدم بشكل غير مباشر حق استخدام صوره وملامحه للشركة المالكة للتطبيق، والتي قد تكون خارج الإطار القانوني المحلي أو لا تخضع لأي رقابة، وحذرت تقارير متخصصة من أن بعض هذه التطبيقات تستخدم الصور في تدريب خوارزمياتها أو تخزينها لفترات طويلة، مما يفتح الباب أمام احتمالات إساءة الاستخدام، من انتحال الهوية إلى إنتاج محتوى مزيف دون علم أصحاب الصور، وحيث أن بيانات الوجه من أكثر أنواع البيانات حساسية، فهي تُستخدم في أنظمة التعرف على الهوية والدخول الآمن، ويُمكن من خلالها بناء قواعد بيانات ضخمة أو إنشاء صور مزيفة شبيهة بالحقيقية.

نوه بأنه كلما أصبحت التقنية أسهل وأمتع، زاد احتمال إساءة استخدامها إذا غاب الوعي، والمطلوب ليس الامتناع عن استخدامها، بل التعامل معها بعقلانية ووعي رقمي حقيقي، ومن المهم أن نختار التطبيقات ذات السمعة الموثوقة والمصادر الرسمية المعروفة، وأن نقرأ بعناية سياسات الخصوصية قبل رفع أي صورة أو مشاركة أي بيانات شخصية، كما يُستحسن تجنّب رفع الصور العائلية أو الحساسة، واستخدام أدوات توليد الصور التي تعمل دون اتصال بالإنترنت كلما أمكن، مع ضرورة الفصل بين الترفيه والهوية الرقمية؛فالوجه ليس مجرد صورة جميلة، بل بصمة رقمية قد تُستخدم بطرق لا يتوقعها صاحبها.

وأوصى بتفعيل المصادقة الثنائية في الحسابات التي تُستخدم لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، واستخدام بريد إلكتروني مُخصص للتطبيقات الترفيهية بعيدًا عن البريد الشخصي أو المهني، فضلًا عن حذف الصور من خوادم التطبيق بعد الانتهاء من المعالجة متى توفّر هذا الخيار، علاوة على تجنّب مشاركة الصور الناتجة على الملأ، خاصة صور الأطفال أو العائلة، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي معروفة المصدر التي تعمل على الجهاز نفسه، محذرًا من النسخ المزيفة المنتشرة في المتاجر غير الرسمية، لأنها قد تحتوي على برامج تجسس، مطالبًا بضرورة فصل الهوية الرقمية عن الجانب الترفيهي، وعدم السماح لأي تطبيق مجهول بجمع ملامح الوجه أو البيانات الشخصية.

كما أصدر توصيات للمؤسسات والجهات الإعلامية مفادها إطلاق حملات توعية رقمية حول مخاطر مشاركة الصور في تطبيقات الذكاء الاصطناعي غير الموثوقة، وإدراج التربية الرقمية في المدارس والجامعات لتعليم الأجيال الجديدة كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بأمان، فضلًا عن سنّ لوائح وطنية واضحة تُنظم استخدام بيانات الوجه والهوية البصرية في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، علاوة على إنشاء منصة وطنية آمنة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المحلية التي تراعي الخصوصية والقوانين الوطنية، وتشجيع التعاون بين خبراء الأمن السيبراني والمبرمجين والفنانين لإنتاج أدوات ذكاء اصطناعي تراعي الجمال والأمان معًا.

وأكد أن ظاهرة “التحول إلى فرعون” أثبتت أن الذكاء الاصطناعي صار أقرب إلينا من كاميرات هواتفنا، وأنه أصبح جزءًا من ثقافتنا اليومية، وبين روعة الصورة ومخاطرها الخفية يبقى الوعي هو خط الدفاع الحقيقي؛ حيث أننا نحتفل بالتكنولوجيا ونستخدمها لإحياء تراثنا لا لتُستغل ضدنا، فالتكنولوجيا في النهاية ليست ذكية بذاتها، بل بذكاء من يستخدمها.

الأخبار