الوثيقة

هل يسقط النظام الإيراني على يد الحركات المسلحة؟

تعبيرية
تعبيرية

لم تكن زيادة أسعار الوقود وحدها التي اشتعلت المظاهرات في عشرات المدن الإيرانية الجمعة 15 نوفمبر 2019م الجاري، فهي تمثل فقط قمة جبل الثلج، وتخفي خلفها أمورا خطيرة من التهميش والقمع والقتل والتمييز المذهبي الذي ولد بركانا خاملا في العديد من المناطق ينتظر هزة أرضية خفيفة للانفجار، قد تكون موجة من المظاهرات سببا مباشرا لإطلاق حممه التي تعرف طريقها تجاه حكم الملالي.

في 27 مايو الماضي تقدم النائب "محمد نعيم أميني فرد" ببيانا في البرلمان الإيراني حول التمييز الذي يعاني منه عدد من الأقاليم السنية في إيران، مشيرا إلى أن خطر المجاعة يهدد هذه الأقاليم التي تضم كلا من بلوشستان وسيستان وبوشهر وخراسان الجنوبية.

وأكد أميني أن 75% من سكان هذه الأقاليم يواجهون خطر المجاعة؛ بسبب تجاهل النظام الحاكم لهذه الأقاليم خاصة منطقة بلوشستان ذات الأغلبية السنية التي تواجه التمييز المذهبي من الإدارة المركزية في إيران.

ويكشف البيان الأخير الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الاشتباكات المتكررة التي تقع في إقليم بلوشستان وقوات الحرس الثوري، والتي تأتي في إطار التمييز المذهبي الذي تمارسه السلطات الإيرانية منذ ثلاثة عقود ضد سكان هذا الإقليم الذين تزيد نسبة السنة فيه على 90% بحسب التقارير الرسمية الإيرانية.

وأدى هذا التمييز إلى ظهور نوع من المقاومة المسلحة، نظرا لتزايد أعمال العنف ضد القوات الإيرانية، والتي تمارس القمع ضد أي احتجاجات تطالب بحقوقها أن تعترض على ممارسات التمييز المذهبي، الأمر الذي أدى لظهور عدد من الحركات المسلحة في إقليم بلوشستان، والتي تهدف جميعها إلى إسقاط ولاية الفقيه، ومن أبرز هذه الحركات: حركة "جيش العدل" ، و"جند الله" و"الفرقان"، و"جيش النصر".

جيش العدل

"جيش العدل" هي جماعة سُنية مُعارضة، تتخذ من من إقليم بلوشستان مقرا لعملياتها، وتهدف لاستعادة حقوق أهل السنة من السلطات الإيرانية التي تمارس مخططات طائفية ضد السنة في كل من إقليم بلوشستان وسيستان.

يقود جيش العدل عبدالرحيم ملازاده المعروف بـ "أبو المنتصر البلوشي" الذي يكتب بياناته باسم "صلاح الدین فاروقي"، ويقيم بمدينة "راسك" التابعة لإقليم بلوشستان، ويعتبر من أبرز قاعدة المقاومة فی بلوشستان، وكان ضمن جند الله التي أسسها عبد المالك ريغي.

تهدف الحركة إلى الدفاع عن أهل السنة في إيران وإرجاع حقوق البلوش المسلوبة من ملالي إيران ومنها حقوق المواطنة وثروة البلاد، كما تهدف إلى ضرب وإضعاف القوة العسكرية الإيرانية في "بلوشستان" وإرباك النظام داخليا، بهدف إسقاطه.

وتبنت حركة جيش العدل العملية العسكرية التي قتل خلالها 11 من جنود القوات الإيرانية، وأصيب عدد آخر في ساعة متأخرة من مساء الإثنين 25 يونيه 2017م.

كما قتل عناصر حركة جيش العدل 14 من حرس الحدود في 27 أكتوبر 2013، وأسقطوا مروحية تابعة للحرس الثوري في ٢٦ نوفمبر2013 على الحدود مع باكستان. وردت إيران بإعدام 16 من السجناء البلوش.

أسسها الشيخ عبد المالك ريغي عام 2002، للعمل على الدفاع عن حقوق السنة عامة، والشعب البلوشي خاصة، والمطالبة باستقلال أكبر للأقاليم السنية، أو إجبار النظام الإيراني على التعاطي معها كحزب سياسي رسمي، كما يطالبون بتقسيم الثروة تقسيمًا عادلاً، وأن يكون للسنة الحرية في بناء المساجد والمدارس، وتتهم الجماعة حكومة طهران باضطهاد السنة، وقتل علمائهم، وهدم المساجد وإغلاق المدارس.

وترى "جند الله" في إيران دولة عنصرية "تأسست على فكر رجل واحد هو الخميني، ووضعت حجر أساسها على فلسفة ولاية الفقيه ليس إلا".

وفي هذا قال ريغي في أحد تصريحاته: "إن نضالنا لا يعتمد على العمل العسكري فحسب، فلنا مطالبنا وحقوقنا"، مشيراً إلى أن نهجه يعارض الأطروحات الراديكالية، سنية كانت أم شيعية.. إلا أن جند الله تؤكد في الوقت نفسه أنها لا تريد حكومة تعادي الدين.

وقد غير ريغي اسم الحركة لذلك إلى " حركة المقاومة الشعبية" للهروب من التصنيف كحركة أصولية.

وقال أبو سليم الناطق باسم منظمة " جند الله " البلوشية في حوار خص به المكتب الإعلامي لحزب النهضة العربي الأحوازي: "لسنا إرهابيين ولا مهربين ونعمل على تحقيق حقوق الملايين من البلوش وأهل السنة في ايران. الشعب البلوشي من أعرق الشعوب الإسلامية في المنطقة وله تاريخ حضاري وثقافي حافل بالكفاح ضد المستعمر الإنجليزي وضد الأنظمة الدكتاتورية في ايران وباكستان وأفغانستان".

أبرز عملياتها:

مقتل حاكم مدينة زهدان واثنين وعشرين شخصا واحتجاز سبعة مسئولين آخرين في مارس عام 2009م في الكمين الذي نصبه عناصر لقافلة حكومية على طريق (تاسوكي) الواصل بين مدينة زاهدان مركز الإقليم ومدينة زابل ثاني أكبر مدن بلوشستان، في ديسمبر 2005 وتم فيه اختطاف تسعة جنود قرب مدينة (زاهدان)، وأفرجت الحركة عن ثمانية منهم بينما قتلت التاسع، وهو ضابط مخابرات يدعى "شهاب منصوري"، ونشرت شريطًا مصورًّا لتنفيذ حكم الإعدام ضده.

وفي مارس 2006 قتلت الجماعة 26، وأصابت 12 من "الحرس الثوري" كانوا يعبرون في سيارات على مقربة من الحدود مع باكستان، كما تبنت عملية تفجير حافلة أدت إلى مقتل 11 من عناصر الحرس الثوري الإيراني وإصابة 31 آخرين.

إعدام المؤسس

أعدم عبد الملك ريغي زعيم حركة جند الله السنية يوم 20 يونيه عام 2010 عن عمر يناهز 27 عاما، بعد اعتقاله خلال محاولته السفر إلى قرقيزستان عبر إرغام الطائرة التي كانت تقله على الهبوط في "بندر عباس" جنوبي البلد.

أسسه عبدالرؤوف ريغي بعد شهور من إعدام عبدالملك ريغي مؤسس حركة جند الله، وانضم جيش النصر فيما بعد إلى "جيش العدل" في المقاومة المسلحة ضد نظام الملالي، بهدف تخفيف الضغط على جيش العدل، وأكد المسئول الإعلامي عن الجيش في تصريحات سابقة أنه مكمل لجيش العدل ويعمل بالتنسيق معه، وليس معارضا له، مشيرا إلى أن "الأخوة في جيش العدل يتحملون الكثير وحدهم، لذا كان لزمًا قيام جهة جديدة تسهم في تخفيف الضغط عنهم".

ونفى المسئول الإعلامي لـ"جيش النصر" أن يكون التشكيل الجديد انشقاقا عن جيش العدل، وسخر من هذه النظرية قائلا: "إن من يقول هذا لا يعرف البلوش جيدا".

ويهدف جيش النصر أيضا إلى إنهاء ولاية الفقيه إنهاء ولاية الفقيه، وإنهاء الاحتلال الإيراني لبلوشستان الذي يمارس التضييق والاضطهاد المذهبي ضد السكان.

أبرز عملياته

نفذ جيش النصر الكثير من العمليات المسلحة ضد القوات الإيرانية، وكبد الحرس الثوري العديد من الخسائر في الأرواح والمعدات من خلال الكمائن التي ينصبها على ممرات القوات، سواء داخل الإقليم أو خارجه.

بلوشستان المحتلة..
نطرة تاريخية

احتلت إيران إقليم بلوشستان عام 1928 تحت وطأة الاستعمار البريطاني ويضمّ الإقليم منطقتي سيستان وبلوشستان وتعتبره إيران أكبر ثالث محافظة ضمن جغرافيتها وتبلغ مساحة الإقليم 247 ألف كيلومتر مربع.

وتمارس إيران أبشع أنواع الاضهاد المذهبي ضد سكان الإقليم، وفي الوقت نفسه تواجه مقاومة كبيرة من عدد من الجماعات المسلحة التي تهدف لإسقاط ولاية الفقيه.

سقوط إيران احتجاجات ايران الجماعات المسلحة الوثيقة