الوثيقة
شؤون عربية ودولية

“تمنيت لو قتلوني”.. شهادات صادمة لضحايا الاغتصاب الجماعي في صراع أمهرا بإثيوبيا

أرشيفية
أرشيفية

كشفت تحقيقات استقصائية دولية عن حجم المأساة الإنسانية التي تعيشها آلاف النساء في إقليم أمهرا شمالي إثيوبيا، حيث تعرّضن لاعتداءات جنسية ممنهجة خلال الصراع الدائر بين القوات الفيدرالية والمسلحين في المنطقة. ويؤكد تقرير حديث نشرته شبكة سي إن إن أن الأرقام الحقيقية للضحايا قد تكون أكبر بكثير مما هو معلن، في ظل صمت حكومي وتقييد لعمل المنظمات الإنسانية وغياب وصول الإعلام الدولي إلى مناطق المواجهات.
إحدى الضحايا، التي تحدثت للشبكة بعد شهور من الصدمة، قالت بمرارة: “كان من الأفضل لو أنهم قتلوني. ما فعلوه بنا لا يمكن أن يُنسى.” كلمات تلخص حجم الرعب الذي عاشته نساء كثيرات، وتعبّر عن مأساة مستمرة تدور بعيدًا عن الأضواء، رغم توسع رقعة الانتهاكات خلال العامين الماضيين.
انتهاكات ممنهجة أثناء العمليات العسكرية
بحسب شهادات جمعتها منظمات حقوقية وفرق طبية محلية، فإن الاعتداءات الجنسية ارتُكبت على نطاق واسع أثناء دخول المجموعات المسلحة قرى وبلدات عدة في أمهرا، حيث تعرّضت النساء والفتيات — بعضهن قاصرات — لاغتصاب فردي وجماعي، مع استخدام العنف الجسدي والتعذيب اللفظي خلال الاعتداء. وتشير تقارير ميدانية إلى أن بعض الضحايا تم اغتصابهن أمام أفراد أسرهن، ما أدى إلى انهيارات نفسية حادة ووصمة اجتماعية مضاعفة.
وأكد أطباء في مستشفيات محلية أنهم استقبلوا نساء مصابات بجروح خطيرة بسبب العنف الجنسي، إضافة إلى انتشار الحمل غير المرغوب فيه ونقل الأمراض. كما ذكرت الناجيات أن المسلحين تعمدوا إذلال الضحايا عبر تهديدهن بالقتل، أو إجبارهن على مشاهدة الاعتداءات على أخريات، في نمط يوصف بأنه “إرهاب جنسي” يهدف إلى بث الرعب والسيطرة على المناطق.
غياب المساعدات وصعوبة الوصول إلى الناجيات
تعاني المؤسسات الصحية في الإقليم من نقص حاد في الموارد، إذ جرى تدمير أو نهب عدد من المراكز الطبية خلال المواجهات، ما جعل كثيرًا من الناجيات غير قادرات على تلقي الرعاية العاجلة اللازمة خلال الساعات الأولى من الاعتداء. وتشير منظمات الإغاثة إلى أن بعض النساء اضطررن لقطع مسافات طويلة عبر مناطق خطرة للوصول إلى مستشفيات قادرة على تقديم العلاج.
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن السلطات الإثيوبية لم تسمح بالوصول الكامل للمحققين الدوليين، كما أن الاضطرابات الأمنية أعاقت عمليات التوثيق، الأمر الذي يجعل الأرقام المتاحة تقديرية فقط. ومع ذلك، تُجمع التقارير على أن ما يجري في أمهرا يمثل واحدًا من أكبر موجات العنف الجنسي في النزاعات الإفريقية خلال العقد الأخير.
مطالبات دولية بالتحقيق والمحاسبة
طالبت جهات دولية، بينها الأمم المتحدة ومنظمات نسوية عالمية، بفتح تحقيق مستقل وشفاف لكشف ملابسات الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، معتبرة أن ما يحدث قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعت هذه الهيئات الحكومة الإثيوبية إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، وتوفير حماية عاجلة للمدنيين.
كما شددت على ضرورة تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للناجيات، وتوفير برامج لإعادة دمجهن داخل المجتمع، خاصة أن العديد منهن يواجهن رفضًا مجتمعيًا بعد الاعتداءات، ما يزيد حالتهن سوءًا.
صراع مستمر ومعاناة تتصاعد
وبينما تتواصل الاشتباكات على جبهات عدة في الإقليم، تتزايد المخاوف من تكرار الانتهاكات مع غياب حل سياسي شامل. ويؤكد مراقبون أن استمرار الأزمة سيُنتج مزيدًا من الضحايا، في وقت تواجه فيه إثيوبيا ضغوطًا دولية متزايدة للسيطرة على الوضع وحماية المدنيين.
وتبقى كلمات الضحية التي قالت: “كان من الأفضل لو أنهم قتلوني” شاهدًا صارخًا على الألم الإنساني الذي تعيشه آلاف النساء في أمهرا، ورسالة عاجلة للعالم بضرورة التحرك لوقف المأساة وإنقاذ من تبقى من الضحايا قبل فوات الأوان.

أمهرا إثيوبيا الصراع الحرب اغتصاب جماعي الوثيقة

شؤون عربية ودولية