فاتن فتحي تكتب.. شركات توصيل الغاز ”الخاصة” تُخالف توجهات الدولة وأجهزة المدن الجديدة خارج الخدمة


توصيل الغاز الطبيعي من أهم المرافق التي تسعى الدولة لنشرها في مختلف مناطق الجمهورية، دعمًا للمواطن ولتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهله، وكذلك لتقليل الاعتماد على أسطوانات الغاز بسبب مشكلاتها المالية والفنية واللوجستية.. وفي سبيل ذلك خصصت الدولة ميزانيات ضخمة وأنجزت مشروعات عملاقة، وفي سبيل تعميم وتسريع هذا الإنجاز القومي استعانت بشركات القطاع الخاص للمشاركة فى هذا الأمر وتشجيعا للاستثمار، إلا أن هذه الشركات تقع أحيانا في مخالفات تناقض أهداف الدولة وتضر بالمواطن بدلا من خدمته .
مثال على ذلك ما يحدث في منطقة "حدائق العاصمة".. ففي الوقت الذي ينبغي أن تحظى هذه المناطق والمدن بأولوية في الخدمات، لكونها إحدى المجتمعات العمرانية الحديثة، وجد السكان أنفسهم أمام عراقيل إدارية ومالية معقدة مع شركة "مودرن جاس" الخاصة المنوط بها توصيل وإدارة الغاز الطبيعي بالمنطقة، من حيث فرضها تكاليف تركيب غير مبررة مبالغ فيها، في غيبة من التنسيق عغ الجهات الرسمية المعنية.
لقد فوجئ سكان "حدائق العاصمة" الذين استلموا وحداتهم السكنية في إطار مشروع الإسكان الإجتماعي المدعوم من الدولة، بقيام شركة "مودرن جاس" بفرض رسوم باهظة لتوصيل الغاز الطبيعي تصل إلى 17,060 جنيه نقدًا، أو ما يزيد عن 35 ألف جنيه عند التقسيط، وهو ما تسبب في موجة من الغضب والاستياء بين المواطنن.
ووفقًا لرد شركة "مودرن جاس" عبر بوابة الشكاوى الحكومية، فإن طلبات توصيل الغاز تُعالج وفق نظام خدمة العملاء وليس نظام المشروع، مما يُسقط حق المواطنين في الاستفادة من مبادرة وزارة البترول والثروة المعدنية، والتي تتيح تقسيط تكلفة التوصيل على سبع سنوات تُضاف إلى فاتورة الاستهلاك، كما هو الحال في مناطق أخرى.
السبب المعلن لهذه الرسوم الباهظة يعود إلى رفض جهاز مدينة حدائق العاصمة توقيع بروتوكول لتنفيذ الأعمال الخارجية، رغم سداد المواطنين لمبالغ سابقة ضمن إيصالات دفع المرافق، تشمل مساهمات في تكاليف هذه الأعمال.، حيث يرى المواطنون أن ما يحدث يمثل إجحافًا واضحًا بحقهم كمواطنين التزموا بكافة إجراءات الحجز والاستلام والدفع، ويفترض أنهم تحت مظلة الدعم الحكومي .. فبدلًا من تحفيزهم على الاستقرار في هذه المدينة الجديدة، يُطلب منهم دفع مبالغ تتجاوز قدراتهم، ما يُهدد بعدم استكمال سكنهم فيها.
يحذر السكان من أن غياب الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الغاز الطبيعي، مما يُقلل من نسب الإشغال، ويقوّض جهود الدولة في تشجيع المواطنين على الانتقال إلى المجتمعات العمرانية الحديثة، وهو ما يتنافى مع أهداف التنمية والتوسع العمراني المستدام.
يطالب سكان "حدائق العاصمة" بسرعة التدخل من الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة البترول، ووزارة الإسكان، وجهاز المدينة، لإعادة تقييم الموقف، وضمان حصولهم على الخدمة وفق الآليات المدعومة والميسرة المعمول بها في سائر المدن والمجتمعات المشابهة، مؤكدين أن قضيتهم لا تتعلق بتقديم خدمة فقط، بل بعدالة اجتماعية وعدت بها الدولة، ويأملون أن تصل أصواتهم إلى اللجان المختصة لاتخاذ ما يلزم من قرارات منصفة.
مشكلة سكان حدائق العاصمة ليست الوحيدة من نوعها ..قهناك العديد من الشكاوي من شركات توصيل الغاز الخاصة في العديد من المناطق تستدعي وضع ضوابط تنظيمية شاملة تضمن تحسين أداء شركات توصيل الغاز الطبيعي، لا سيما الشركات الخاصة، وضبط علاقتها مع المستهلك والدولة، وضبط عمل هذه الشركات لتحقق الغاية المرجو للدولة وتخدم مصلحة المواطن ومن ذلك:
• إلزام الشركات الخاصة بالعمل وفق بروتوكولات واضحة مع أجهزة المدن الجديدة، تضمن تنفيذ الأعمال الخارجية دون تحميل المواطنين أعباء مالية إضافية غير مبررة.
• تسعير الخدمة وفق معايير عادلة وشفافة، على أن تخضع لمراجعة من جهة رقابية مثل جهاز تنظيم مرفق الغاز الطبيعي، لتتوافق مع القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في مشروعات الإسكان المدعوم.
• ربط النظام المالي لشركات توصيل الغاز الخاصة بنظام مالي حكومي موحد (مثل منصة التحصيل الإلكتروني الحكومية)، بما يضمن الرقابة على عمليات الإنفاق، والتحصيل، والتوريد، ويغلق أبواب التلاعب أو المغالاة في الرسوم.
• تحسين جودة الخدمة الفنية والرقابة على عمليات التركيب من خلال اعتماد فرق فنية معتمدة وتحت إشراف مباشر من جهة رقابية فنية مستقلة لضمان سلامة التنفيذ وكفاءة التشغيل.
• تعزيز آليات التعامل مع الجمهور، من خلال تدريب موظفي التحصيل وخدمة العملاء على أسس التواصل الإنساني والاحترافي، وتخصيص قنوات فعالة لتلقي الشكاوى والرد عليها خلال فترات زمنية محددة.
• ضمان الشفافية الكاملة في العقود والإيصالات، مع تقديم شرح واضح لكل بند مالي، سواء كان متعلقًا بالتركيب أو التقسيط أو المصاريف الإدارية، لضمان وعي المستهلك بحقوقه وواجباته.
• تفعيل الرقابة الحكومية الدورية على أداء الشركات، من حيث الالتزام الفني والمالي والسلوكي، وربط تجديد تراخيص عملها بمدى التزامها بهذه المعايير.
هذه التوصيات لا تضع فقط حدًا للمشكلات القائمة، بل تفتح الباب نحو نموذج حوكمة رشيدة يضمن تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين بجودة وعدالة وكفاءة.