الوثيقة
النيابة العامة: رصد 6 حسابات على التواصل الاجتماعي خالفت حظر النشر في وفاة المستشار سمير بدر عبدالسلاموزير الصحة يكشف خلال مؤتمر صحفي مستجدات الوضع الوبائي للأمراض التنفسيةكارثة بمتحف اللوفر.. إتلاف مئات المخطوطات النادرة في قسم الآثار المصرية بفرنساالداخلية تنشر تفاصيل القبض على الكاتب الصحفي أحمد رفعت وشقيق الإعلامية قصواء الخلاليارتفاع البتلو 55 جنيهًا والضاني 28.. أسعار اللحوم اليوم في الأسواقكم يبلغ سعر الذهب اليوم في مصر؟ تحديث شامل لأسعار جميع العياراتفوز الطالبية على الترسانة تحت 12 سنة بنتيجة 3 / 0مالك السعيد المحامي يكتب: قائمة المنقولات الزوجية بين الحق المدني والحماية الجنائيةالكويت تسحب الجنسية عن الإخواني طارق سويدانالنيابة العامة تباشر التحقيقات في واقعة وفاة لاعب السباحة يوسف عبد الملكوزير الخارجية يلتقي وزير الدولة الكندي للتنمية الدولية على هامش منتدى الدوحةجمال الخضري: الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تعزز القوة المالية للدولة وتُعيد رسم خريطة الاستثمار في مصر
الرأي الحر

مالك السعيد المحامي يكتب: قائمة المنقولات الزوجية بين الحق المدني والحماية الجنائية

مالك السعيد المحامي
مالك السعيد المحامي


تعود قائمة المنقولات الزوجية إلى الواجهة مجددأ مع مناقشة مشروع القانون الجديد الذي يسعى إلى إعادة ضبط العلاقة بين الحقوق المدنية للزوجة وضمانات الحماية الجنائية، في ظل
جدل اجتماعي وقانوني واسع حول دور القائمة كأداة ضمان أم كعقد ملكية. ويعكس هذا الجدل
تحوّلًا مهمً ا في فلسفة التشريع التي تنتقل من التعامل مع القائمة كمسألة عرفية إلى إدراجها
ضمن منظومة موحدة للإثبات والتوثيق والتنفيذ، بما يقلل النزاعات ويعيد التوازن إلى علاقة
الزوجين أمام القضاء .
يمثل الوضع الحالي للقائمة إطارًا مزدوجًا يجمع بين الطبيعة المدنية للقائمة بوصفها سند ملكية
يثبت حق الزوجة في استرداد المنقولات أو قيمتها، وبين الطبيعة الجنائية التي قد تُفعل إذا تعمد
الزوج إتلاف المنقولات أو تبديدها. فالقائمة في أصلها عقد أمانة يلتزم الزوج بموجبه برد الأشياء المثبتة فيه، وهو ما يمنح الزوجة حقًا مدنيًا في المطالبة باسترداد ملكيتها أو التعويض
بقيمتها السوقية، وفقًا للقواعد العامة للالتزامات. لكن اللجوء إلى الحماية الجنائية يصبح متاحًا
عندما يثبت أن تصرف الزوج في المنقولات جاء بنية الإضرار أو التبديد، وهو ما يضع الواقعة
في نطاق جنحة خيانة الأمانة، ويمنح الزوجة مسارًا آخر لحماية حقها.
ورغم هذا الإطار القانوني المزدوج، فإن التطبيق العملي يظل مرهونًا بالتوثيق الرسمي لبيانات
القائمة، إذ تعتمد المحاكم على دقة التوصيف، وتحديد القيمة، وتوثيق التوقيع، وإثبات الحيازة، ويظهر في القضايا العملية أن نقص البيانات أو الاعتماد على قوائم عرفية غير دقيقة يؤدي إلى تعطيل التنفيذ أو إضعاف الموقف القانوني لأحد الطرفين. وتؤكد تقارير دوائر التنفيذ أن ٪70 من النزاعات المتعلقة بالقائمة تتعثر بسبب غياب الحصر الفعلي للمنقولات أو عدم وجود
فواتير أو إثباتات ملكية، ما يجعل التنفيذ مقيدًا بإثبات لا يتجاوز الورقة المكتوبة.
ويسعى القانون الجديد إلى تقليص مساحة الغموض عبر اعتماد نموذج موحد لتوثيق القائمة،
يتضمن وصفًا تفصيليًا للمنقولات وقيمتها، وإتاحة توثيقها رسميًا ضمن محاضر الأحوال، الشخصية أو عبر منصات رقمية معتمدة. ويشمل الاتجاه الجديد وضع قواعد لكيفية تقدير القيمة السوقية، وإثبات الاستلام، وتحديد المسؤولية عند النزع أو الإتلاف، بما يحول القائمة من ورقة عرفية إلى سند قانوني كامل يدخل ضمن منظومة التنفيذ القضائي دون تعطل أو استثناءات.
كما يطرح المشروع توسيع بدائل التسوية الودية والتحكيم الأسري، لتقليل اللجوء إلى
المسارات الجنائية التي تُستعمل أحيانًا كوسيلة ضغط أكثر منها وسيلة حماية.. بعض المقترحات داخل دوائر التشريع تشير إلى ضرورة الفصل بين حق الزوجة في الملكية وبين الحماية الجنائية، بحيث تصبح الجنحة مرتبطة فقط بالتعمد وسوء النية، بينما يظل الأساس في المنازعات مدنيًا يقوم على رد الحق أو التعويض. .هذا التوجه القانوني يتسق مع الفلسفة الحديثة للقوانين الأسرية التي تفضل المعالجة المدنية كأصل، وتلجأ للتجريم فقط إذا ثبت الغش أو الإضرار. وفي المقابل يرى فريق آخر ضرورة الإبقاء على الحماية الجنائية بوصفها الضامن الأهم لردع التلاعب، خاصة في الحالات التي تتكرر فيها محاولات إخفاء أو بيع المنقولات قبل التقاضي.
بعض الدول العربية والإسلامية تتبنى نماذج عملية تقلل النزاع حول المنقولات الزوجية مع الحفاظ على روح الشريعة التي تقوم على العدل وردّ الحقوق. ففي الإمارات اعتمدت وزارة العدل صيغة موحدة لعقود الزواج تتضمن بندًا تفصيليًا للمنقولات إن وُجدت، مع إتاحة إثباتها رقميًا عبر منصة “محاكم”، ما جعل النزاع يتحول إلى مسألة مدنية بحتة تقوم على التوثيق والفواتير دون اللجوء إلى التجريم إلا في حالات الاحتيال الصريح. وفي الأردن جرى دمج قائمة الجهاز ضمن عقد الزواج نفسه، بحيث تصبح جزءًا من بيانات العقد وتخضع لأحكام النفقة والمتاع دون سند منفصل. أما في المغرب فقد اعتمدت المحاكم مبدأ “استصحاب الملكية” الذي يقضي بأن المنقولات التي تثبت أنها من مال الزوجة تعود إليها حكمًا دون الحاجة لقائمة، بينما تُترك الأشياء المشتركة للتقدير العادل وفق السجلات والفواتير. وتمثل هذه النماذج مقاربات مختلفة تهدف جميعها إلى تخفيف الطابع الجنائي والضغط الاجتماعي، وتعزيز التوثيق، وتحويل النزاع إلى إطار مدني منضبط.
في مصر يبرز اتجاه متصاعد نحو وضع حل متوازن يحفظ حقوق الزوجين ويتفق مع القانون
وروح الشرائع السماوية التي تقوم على السكن والمودة والعدل.. يقوم التصور الأقرب للقبول
المجتمعي والقانوني على تحويل قائمة المنقولات إلى وثيقة توثيق رسمية تُسجّل اختياريًا ضمن
عقد الزواج أو بوثيقة ملحقة، مع وصف تفصيلي للمنقولات وقيمتها وإثبات تاريخ الاستلام.
ويُضاف إلى ذلك اعتماد قاعدة الفحص المدني أولًا بحيث يكون الأصل في النزاع هو الاسترداد
أو التعويض، ولا يُلجأ للتجريم إلا إذا ثبت تعمد التبديد أو الإضرار وفق معايير صارمة لا تُستخدم كأداة ضغط، كما يقترح عدد من القضاة والخبراء القانونيون إنشاء وحدة تقييم محايدة داخلةمحاكم الأسرة لتقدير القيمة السوقية للمنقولات عند النزاع، بما يمنع التضارب في التقديرات ويختصر الوقت. ويستكمل هذا الإطار بآليات تنفيذ حديثة عبر الحجز الإداري أو السداد الإلكتروني، ما يجعل القائمة أداة لحفظ الحقوق لا لإشعال الخصومات، وفق مقاربة تحقق الموازنة بين ملكية الزوجة وحقوق الزوج، وتنسجم مع مقاصد الشرائع التي تدعو إلى
الإنصاف ورفع الضرر ومنع التعدي.
إن الجدل حول قائمة المنقولات لا يتعلق بورقة ورثها المجتمع بقدر ما يتعلق بإعادة صياغة العلاقة بين الحق والحماية، وبين الملكية والردع، وبين النص القانوني والتطبيق العملي. ومع
دخول القانون الجديد مرحلة النقاش النهائي تبدو الحاجة ملحة لوضع توازن يضمن حقوق الزوجة دون تعسف، ويحفظ للزوجين معًا مسارًا قانونيًا واضحًا يعتمد على التوثيق والشفافية وآليات التنفيذ الحديثة، بعيدًا عن التوتر الاجتماعي الذي أحاط بالقائمة لسنوات .

الرأي الحر

الفيديو