دكتورة دينا المصري تكتب: ارحم نفسك من الوجع
ارحم نفسك من الوجع ومتشيلش شيلة قد شيلتك، إنت متخلقتش عشان تبقى شايل الكون كله على كتفك، إنت بني آدم، عندك قلب بيدق، وعقل بيتعب، وروح بتنهك من الحمل لما بيزيد عن طاقتها، إنت لا تستحق هذا الخوف ولا هذا الهم اللي ساكن فيك،
ولا تستحق تكون حياتك كلها ساحة حرب مع نفسك ومع الدنيا.
فيه ناس اتعودت تشيل فوق طاقتها، من غير ما تحس، تبقى بتضحك وتتكلم وتتحرك وسط الناس، بس جواها في جدار بيتكسر كل يوم، الوجع لما يطول، بيتحول من مجرد إحساس عابر لجزء من شخصيتك، تبقى متصالح مع الألم وكأنه صديقك، بس هو مش صديقك. هو عبء، هو حاجة بتاكل من عمرك ومن صحتك النفسية والبدنية على السواء.
الخوف والهم مش بس بيأثروا على قلبك وروحك، دول بيدخلوا لعقلك كمان، العقل لما يعيش في توتر مستمر، بيبدأ يفقد قدرته على التركيز وبيتحول كل تفكيرك لدوامة “ماذا لو؟”، “ماذا لو فشلت؟”، “ماذا لو خسرته؟”، “ماذا لو حصل الأسوأ؟”، وهنا ييجي أخطر أثر نفسي: الاحتراق الداخلي، الإنسان اللي بيعيش خايف طول الوقت بيتآكل من جواه زي شمعة بتخلص قبل ميعادها.
ارحم نفسك، مش ضعف، ارحم نفسك يعني تحافظ عليها، تصونها من الاستنزاف، يعني ترفض تكون مخزن لكل الهموم اللي حواليك، حتى الدين نفسه لما قال: “لا يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها” كان بيعلّمنا إن النفس ليها طاقة محدودة، مش عيب إنك توقف وتقول “كفاية”، مش عيب إنك تقول “أنا مش هقدر أشيل ده كله”، العيب إنك تستمر في حمل شيء أنت مش قادر عليه وتفتكر إن ده بطولة.
أوقات كتير بنحمّل نفسنا فوق طاقتها عشان إحنا مش عايزين نزعّل حد، أو بنحس إن إحنا لازم نكون سند لكل الناس؛ بس الحقيقة إنك لما بتنهك نفسك بالشكل ده، إنت مش هتقدر تكون سند حتى لنفسك، اللي بيغرق ما ينفعش ينقذ غيره، لازم الأول ينقذ نفسه، كمان لازم تفهم إن الخوف والهم بيخلوا صورتك عن نفسك مشوّهة، الإنسان اللي بيخاف زيادة بيشوف نفسه ضعيف حتى لو هو قوي، واللي شايل هم أكبر من طاقته، بيحس إنه مقصّر حتى لو هو بيعمل أكتر من المفروض، الخوف بيسرق منك إحساسك بالأمان، والهم بيسرق منك إحساسك بالرضا، النتيجة؟ حياتك تبقى سجن كبير.
الحل مش إنك تتجاهل مشاعرك، لكن إنك تتعامل معاها بوعي، تقول لنفسك: “أنا تعبت، أنا محتاج أوقف، أنا محتاج أسيب اللي مش ليّ”، الوعي ده مش بس بيريّحك، ده بيشفيك، بيحميك من إنك تتحول لإنسان مكسور من جواه.
ارحم نفسك من الوجع يعني توقف تجلد نفسك على حاجات مش ذنبك، يعني ما تفضّلش تقول “كان لازم أعمل كذا” أو “ليه ماعملتش كذا”، الماضي خلاص راح، والحاضر محتاجك تكون حاضر فيه بعقلك وروحك مش بعقدك وندمك.
ارحم نفسك يعني تسمح لقلبك يرتاح، تسمح لروحك تتنفس، تسمح لعقلك يهدى، ارحم نفسك يعني تفهم إنك لما تبقى بخير، كل حاجة حواليك هتبدأ تبقى بخير، ارحم نفسك يعني تختار نفسك مش من باب الأنانية، لكن من باب النجاة.
الخلاصة: أنت مش سوبر مان، أنت مش لازم تبقى جبل طول الوقت، أنت بني آدم من لحم ودم، ولك حق ترتاح، حق تخاف شوية وتسيب الخوف يعدي، حق تشيل بس اللي على قدك، خد نفسك بالحُنان زي ما كنت هتاخد طفل صغير خايف في حضنك،
وقتها بس هتعرف قد إيه الحياة كانت محتاجة منك بس توقف وتقول: “كفاية وجع”.
الكاتبة والمحررة الإعلامية الدكتورة دينا المصري

.png)































