ماكرون يطالب بالاستقلال التام.. هل انتهى الزواج الكاثوليكي بين أوروبا والولايات المتحدة؟
تشهد العلاقات الأوروبية الأمريكية سلسلة من الأزمات المتتابعة خلال السنوات الأخيرة، وسط مطالبات بإنهاء الزواج الكاثوليكي بين الطرفين بلا رجعه والاستقلال الأوروبي التام عن الهيمنة الأمريكية وضغوطها وفرض كلمتها على الأوروبيين.
وزادت الأزمة الطاحنة بعد الخلافات الكبيرة على الحرب الروسية الأوكرانية التي كشفت الكثير من الملفات الخلفية التي كانت مخفية تحت السطح، لتكون أشبه بقمة جبل التلج الذي طغت برودته على العلاقات مع الولايات المتحدة ليدخل الطرفان فيما يشبه الحرب الباردة خاصة بعد وصول دونالد ترامب للحكم في فترته الثانية وتعامله الخشن مع كبار المسؤولين الأوروبيين.
ماكرون: الاستقلال التام
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تدوينة نشرها على منصة «إكس»، إنه أجرى اتصالًا مع المفوض الأوروبي السابق تييري بريتون، مشيدًا بـ«العمل الكبير» الذي أنجزه في خدمة الاتحاد الأوروبي، ومؤكدًا تمسك باريس وبروكسل بحماية استقلال أوروبا والدفاع عن حرية الأوروبيين في مواجهة أي ضغوط خارجية.
وكتب ماكرون في تدوينته: «تحدثت للتو مع تييري بريتون، وشكرته على العمل الكبير الذي قام به في خدمة أوروبا. لن نتنازل عن شيء، وسنحمي استقلال أوروبا وحرية الأوروبيين». وجاءت هذه الرسالة في توقيت سياسي حساس، وسط تصاعد التوترات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على خلفية ملفات تنظيمية وسيادية متشابكة.
وتكتسب تدوينة الرئيس الفرنسي دلالات خاصة في ضوء تصريحاته الأخيرة التي انتقد فيها بشدة قرارًا أمريكيًا بمنع منح تأشيرات دخول لعدد من كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، معتبرًا أن هذه الخطوة «غير مقبولة» وتمس مبدأ الشراكة المتكافئة بين ضفتي الأطلسي. وأكد ماكرون، في تصريحات سابقة، أن العلاقات بين أوروبا وأمريكا يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل، لا على فرض قيود أحادية أو استخدام أدوات الضغط السياسي.
ويرى مراقبون أن الربط بين إشادة ماكرون بتييري بريتون، المعروف بمواقفه الصارمة تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى والدفاع عن السيادة الرقمية الأوروبية، وبين انتقاداته للإجراءات الأمريكية، يعكس توجهًا فرنسيًا وأوروبيًا متزايدًا نحو تعزيز مفهوم «الاستقلال الاستراتيجي» للاتحاد الأوروبي. وهو المفهوم الذي يدعو إلى تقليل الاعتماد على القوى الخارجية، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد والأمن.
وتأتي هذه المواقف في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تعريف علاقته مع الولايات المتحدة، بما يضمن الحفاظ على الشراكة التاريخية، دون التفريط في القرار الأوروبي المستقل. وبحسب دوائر أوروبية، فإن تصريحات ماكرون تمثل رسالة سياسية واضحة مفادها أن أوروبا مستعدة للدفاع عن مسؤوليها ومؤسساتها، ورفض أي إجراءات تُفسَّر باعتبارها مساسًا بسيادتها أو بحرية مواطنيها.

.png)


























