الوثيقة
تحقيقات وتقارير

أمريكا المنسية والأخرى الثرية.. عالم من العشوائيات والفقر والتهميش والجريمة

الوجه الآخر للولايات المتحدة
الوجه الآخر للولايات المتحدة

الصورة النمطية للولايات المتحدة الأمريكية كدولة الفرص والثروات، هي حلم يراود الكثيرين بما يروج عنها في وسائل الاعلام والأعمال السينمائية والدرامية والتي تركز على جانب واحد فيها، غير أو الواقع يعكس غير ذلك، فالولايات المتحدة الحقيقية ليست بهذا الجمال، بل هناك مناطق لم تمسها يد التطوير أو التنمية منذ عقود طويلة، وتعاني الكثير من المدن ازمة العشوائيات والإهمال وانتشار الجريمة. وهو دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإشادة بالحياة في مصر منتقدًا المسؤولين المحليين في الولايات المتحدة عند زيارته الأخير لمصر.

قوة شكلية وانهيار في الخدمات

رغم أن الولايات المتحدة معروفة باقتصادها الضخم والقوي إلا أنك ترى داخل حدودها مدنا ومناطق يعيش فيها آلاف، بل مئات الآلاف، من الأمريكيين في ظروف صادمة من الفقر والتهميش. هذه المناطق، التي تكتظ بالبؤس الاجتماعي، تُعيد إلى الواجهة تبعات التحولات الاقتصادية والانكماش الصناعي، وتظهر مدى التناقض بين "أمريكا الثرية" و"أمريكا المنسية".

في هذا التقرير نسلط الضوء على أبرز هذه المناطق التي تعاني من معدلات فقر مرتفعة، وانهيار الخدمات والبنية التحتية، وتراجع فرص العمل، لتعكس صورة أقرب إلى ما يُقال أقذر مناطق في أمريكا.

ديترويت، ميشيجان

واحدة من أسوأ المدن الأمريكية من حيث مستوى المعيشة. حيث يُظهر الواقع أن نحو ما بين 25 إلى 33% من سكانها يعيشون تحت خط الفقر. بسبب تراجع قطاع التصنيع، الذي كان يوماً دعامة أساسية لاقتصاد المدينة، وهو ما أثر بشدة على الدخل وأدى لارتفاع نسبة البطالة، وكانت النتيجة نزوحا جماعيا وانهيارا في البنية التحتية والخدمات العامة. يضاف إلى ذلك انتشار العنف والجريمة، ما يجعل الحياة صعبة في كثير من أحياء هذه المدينة.

فلينت، ميشيجان

وهي من المدن التي تعان من معدل مرتفع للغاية في نسب الفقر، حيث يعيش أكثر من ثلث السكان تحت خط الفقر. إذ يعيش أغلبهم على دخل منخفض جدًا، وبعضم يعيش تحت مستوى الفقر المدقع، نتيجة البطالة المرتفعة والخدمات الاجتماعية المهترئة في المدينة التي كانت يوما ما مركزًا صناعيًا مهمًا، ثم شهدت انهياراً في الصناعة مع ركود قطاع التصنيع، وهو ما جعل آلاف العائلات بلا عمل وأدى إلى تدهور اقتصادي واجتماعي في كل أنحائها.

تشولا، ميسيسيبي

تعتبر مدينة تشولا من أفقر المجتمعات في الولايات المتحدة، وتعاني من نسب فقر مرتفعة جدًا مقارنة بمعدلات الولاية والوطنية. إذ يعنيش أكثر من 46% من سكانها تحت خط الفقر، وعدد كبير من العائلات يعتمد على أجور منخفضة أو وظائف موسمية غير مستقرة. في مجتمع صغير كهذا، تفتقد كثير من الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وفرص العمل الثابتة، ما يجعلها نموذجاً لتهميش ريفي عميق يصعب الخروج منه.

أسباب التهميش والنسيان

هناك الكثير من العوامل أدت إلى الفقر في الولايات المتحدة الدولة الأكبر في العالم، فالفقر هناك ليس مجرد عنصر لفظي في تقارير اقتصادية، بل هو واقع ملموس لآلاف العائلات من المعاناة اليومية، الحياة في بيوت مهجورة، ومستقبل غير واضح للأطفال وأمل في حياة كريمة يتضاءل مع كل يوم.

من ديترويت الكبيرة إلى تشولا الصغيرة، ومن فلينت الصناعية إلى بلدات الريف المنسية القاسم المشترك بينها جميعا هو: تهميش اقتصادي واجتماعي، ضعف الخدمات، وإهمال مستمر.

وإذا أردنا أن نقول إن أمريكا دولة الفرص، فعلينا أن نتذكر أولئك الذين يعيشون في ظل هذه الأوضاع الصعبة وانعدام العدالة مقارنة بعدد المنازل الفاخرة أو المليارديرات، بل بعد عدد المواطنين الذين يعيشون بكرامة وأمان.

ومن أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك:

انهيار الصناعة: فكثير من المدن التي كانت تعتمد على التصنيع شهدت إغلاق الكثير من مصانعها ونقل الإنتاج خارجها، وهو ما حرم آلاف العمال من مصدر دخلهم الأساسي. وترك هذا الانزلاق الصناعي آثاراً اقتصادية واجتماعية كبيرة.

النتيجة.. الهجرة الجماعية:

أدت تلك العوامل إلى نزوح جزء كبير من السكان الباحثين عن فرص أفضل خارج تلك المناطث، ما أدى إلى ظهور أحياء مهجورة بالكامل، وهو ما انعكس على قيمة العقارات وتدهور البنية التحتية.

تفاوت جغرافي بين المدينة وضواحيها: حتى في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، الفقر والتهميش غالبًا يتركزان في أحياء بعينها، بينما الضواحي المجاورة قد تظل أكثر ازدهارًا.

ضعف الخدمات وغياب الاستثمار: في المدن الصغيرة والبلدات الريفية، غياب البنية التحتية، ضعف التعليم، نقص الخدمات الصحية، وصعوبة الوصول إلى فرص عمل، كلها عوامل تُكرّس الفقر وتجعل الخروج منه شبه مستحيل.

زلزال تحت سطح الرفاهية

هناك مدن في الولايات المتحدة يتجاوز فيها معدل الفقر الوطني (حوالي 12–13٪) بثلاث إلى أربع مرات. الدراسات الحديثة أظهرت أن بعض أحياء المدن الصناعية الكبيرة باتت ضمن أعلى 5٪ من أسوأ مناطق في البلاد من حيث الفقر والبطالة وضعف الخدمات وسوء السكن. وفي الريف والبلدات الصغيرة، يظهر الفقر كحالة مستمرة ومتوارثة، مع معدلات بطالة مرتفعة وضعف في التحصيل العلمي.

الولايات المتحدة ميتشجان الفقر والتهميش عشوائيات تشولا ميسيسبي ديترويت فيلنت الوثيقة

تحقيقات وتقارير

الفيديو